متى تقام دعوى مخاصمة القاضي؟ (2)
عودٌ على ما أشرنا فيما سبق إليه حول أسباب إقامة دعاوى مخاصمة القضاة على سبيل الحصر، ومنها وقوع الغش والتدليس، والخطأ المهني الجسيم، والمقصود بالغش في هذا المقام: هو ارتكاب القاضي الظلم عن قصد، بدافع المصلحة الشخصية، أو الكراهية لأحد الخصوم، أو محاباة الطرف الآخر، والخطأ المهني الجسيم هو الخطأ الذي ينطوي على أقصى ما يمكن تصوره من الإهمال في أداء الواجب، ويكون ارتكابه نتيجة غلط فاضح، أو بسبب إهماله إهمالًا مفرطًا يعبر عن خطأ فاحش، مثل الجهل الفاضح بالمبادئ الأساسية للقانون.
ووازن المشرع بين حق القاضي في توفير الضمانات له، فلا يقصد في قضائه سوى وجه الحق، ولا يهتز وجدانه من مظنة النيل منه، وحق المتقاضي في الإطمئنان إلى أن قاضيه مقيد بالعدل في حكمه، فإن جنح عنه لم تغلق الأبواب في وجهه، بل له أن يسلك طريق الخصومة التي يدين بها قضاءه ويبطل أثره، وكل هذا يجد حده في أن القضاء ولاية تقرير، وأن مجرد الخلاف أو الخطأ لا يسقط بهما منطق العدل، بل يسقطه الجور والانحراف في القصد.
ولهذا رتب المشرع على القضاء بعدم جواز المخاصمة أو رفضها، الحكم على طالب المخاصمة بالغرامة المنصوص عليها، ومصادرة الكفالة، مع التعويضات إن كان لها وجه، كما رتب على القضاء بصحة المخاصمة الحكم على القاضي المخاصم بالتعويضات والمصاريف وبطلان تصرفه.
الخطأ المهني الجسيم
وبذلك لا يعتبر خطأ مهنيًا جسيمًا فهم رجل القضاء للقانون على نحو معين، ولو خالف فيه إجماع الشراح ولا تقديره لواقعه معينه أو إساءة الاستنتاج، كما لا يدخل في نطاق الخطأ المهني الجسيم الخطأ في استخلاص الوقائع أو تفسير القانون أو قصور الأسباب، وعليه يخرج من نطاق هذا الخطأ كل رأي أو تطبيق قانوني يخلص إليه القاضي بعد إمعان النظر والاجتهاد في إستنباط الحلول للمسألة القانونية المطروحة ولو خالف في ذلك أحكام القضاء وآراء الفقهاء.
الأصل هو عدم مسئولية القاضي عما يصدر منه من تصرف أثناء عمله لأنه يستعمل في ذلك حقًا خوله له القانون، وترك له سلطة التقدير فيه، ولكن المشرع رأى أن تقرير مسئوليته على سبيل الاستثناء إذا انحرف عن واجبات وظيفته وأساء استعمالها.
والمادة 494 من قانون المرافعات تنص على أحوال معينة أوردها على سبيل الحصر ومن بينها إذا وقع منه خطأ مهني جسيم وهو الخطأ الذي يرتكبه القاضي لوقوعه في غلط فاضح ما كان ليساق إليه لو اهتم بواجباته الاهتمام العادي أو لإهماله في عمله إهمالًا مفرطًا مما وصفته المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق بالخطأ الفاضح الذي لا ينبغي أن يتردى فيه بحيث لا يفرق هذا الخطأ في جسامته عن الغش سوی کونه أوتي بحسن نية فيخرج عن دائرة هذا الخطأ تحصيل القاضي لفهم الواقع في الدعوى وتقديره للأدلة والمستندات فيها وكل رأي أو تطبيق قانوني يخلص إليه بعد إمعان النظر والاجتهاد في إستنباط الحلول القانونية للمسألة المطروحة عليه ولو خالف في ذلك أحكام القضاء وإجماع الفقهاء، وتقدير مبلغ جسامة الخطأ يعتبر من المسائل الواقعية التي تدخل في التقدير المطلق لمحكمة الموضوع.
والخطأ المهني الجسيم هو الخطأ الذي ينطوي على أقصى ما يمكن تصوره من الإهمال في أداء الواجب، ويكون إرتكابه نتيجة غلط فاضح ما كان لينساق إليه القاضي لو إهتم بواجبه الاهتمام العادي، أو بسبب إهماله إهمالًا مفرطًا يعبر عن خطأ فاحش، مثل الجهل الفاضح بالمبادئ الأساسية للقانون، ومن ثم لا يعد خطأ مهنيًا جسيمًا فهم رجل القضاء للقانون على نحو معين، ولو خالف فيه إجماع الشراح ولا تقديره لواقعة معينة أو إساءة الاستنتاج.
كما لا يدخل في نطاق الخطأ المهني الجسيم، الخطأ في استخلاص الوقائع أو في تفسير القانون أو قصور الأسباب، ومن ثم يخرج عن نطاق هذا الخطأ كل رأي أو تطبيق قانوني يخلص إليه القاضي بعد إمعان النظر والاجتهاد في استنباط الحلول للمسألة القانونية المطروحة، ولو خالف في ذلك أحكام القضاء وآراء الفقهاء.. وللحديث بقية