دكتاتورية الغرب الديمقراطي!
يمكن القول إن من تداعيات حرب روسيا والناتو -بوكالة أوكرانيا- أن عصر الفرز السياسي تم إطلاقه بلا حياء غربى ولا مواربة، والحقيقة أن هذه ليست المرة الأولى التى يعلن فيها الغرب أن "من ليس معى فهو ضدى"، فقد سبق أن أعلنها الرئيس الأمريكي الكذاب جورج بوش الابن، عقب التفجيرات الإرهابية لبرجي التجارة في نيويورك وعقب ضرب البنتاجون، وعقب محاولة إسقاط الطائرة المدنية الرابعة فوق البيت الأبيض. يومها روع العالم كله وتعاطف الشرق والغرب مع الكارثة، وبعدها أعلن بوش الابن مبدأ خطيرا تقبله العالم، متسامحا ثم تبين أضراره اللاحقة: من ليس معي فهو عدوى..
الأعمال التى اقترفها الرئيس الأمريكي المصنف إرهابيا (رقم واحد) بوصف الزعيم الجنوب افريقي الراحل العظيم نيلسون مانديلا، تضعه مجللا بالخزى والعار في خانة الإرهاب، وما فعله بالعراق وشعبه وجيشه وبنيته الأساسية هو جريمة يستحق المحاكمة الجنائية عليها، لأنه كذب متعمدا وشن حربا بسبب هذا الكذب، وأركان حكمه أكدوا أنه كذاب. لكنها أمريكا.. من يجرؤ على مناطحة البلطجي الأول في العالم.. لقد جيشت الدنيا كلها علي الإدارة الروسية، بسبب غزو الأخيرة لدولة أوكرانيا، رغم أن أوكرانيا ما كانت لتجرؤ على استفزاز روسيا إلا بتحريض وبتشجيع وبدعم واشنطن، بل إن مفاوضات بيلاروسيا الجارية مع الوفد الأوكراني، هي مفاوضات مع واشنطن في حقيقة الأمر.
الحرية والمساواة
استخدمت واشنطن عصا الناتو من ناحية والقنابل المالية الانشطارية لتفريغ قدرة روسيا على مواصلة قتال اضطرتها إليه واشنطن اضطرارا، بسبب عسكرة أوكرانيا نوويا!
ما يتم حاليا من المبالغة في معاقبة روسيا، ماليا ورياضيا وإعلاميا، سوف يخلف عواقب وخيمة، ولأول مرة نرى ونسمع وزير خارجية روسيا لافروف يتحدث عن نووية الحرب العالمية الثالثة، وقال إن الخمسة الكبار النوويين بمجلس الأمن سبق أن وقعوا إعلانا بالامتناع عن هذه الحرب حيث لا منتصر فيها.. إعادة التصريح بهذا الإعلان تلميح روسي بأن ما تتعرض له روسيا سيجعلها تلجأ إلى خيار شمشون: علي وعلي الدنيا!
أخطر ما كشف عنه الأداء الغربى في هذه المحنة العالمية الجارية على المسرح الأوربي أنه أطاح بكل المبادئ التى صدع رؤوسنا بها طويلا ولحد السأم.. الحرية. الكرامة. العدالة. المساواة..
أين الحرية يا غرب وأنت تغلق قنوات الرأي المعارض لك.. أغلقتم القناة الروسية RT والموقع الإخبارى سبوتنيك وتشنون حملة تضليل إعلامي متدنية ومفضوحة لبث الأكاذيب. ومنعتم مشاركة الفرق الرياضية الروسية في المسابقات ومنها كأس العالم، وتمارس جوجل وميتا فيرس (فيسبوك سابقا) وتويتر حجب الإعلام الروسي..
أين المساواة وأنت تهب بضراوة وتدافع عن الدم الأوكراني، ونحن معك في ذلك، بينما اصطنعت الصمم والخرس والعمى إذ يراق الدم العربي والمسلم بالصواريخ الأمريكية في فلسطين والعراق وفي سوريا وفي ليبيا، وإذ صنعتم إرهاب القاعدة، وتبنيتم إرهاب الإخوان، وعصفتم بالدول الوطنية وجيوشها في المنطقة المنكوبة بحضوركم الثقيل. وأين المساواة وأنتم تمارسون العنصرية والتمييز العرقي واللوني بتمرير الأوربيين البيض فقط اللاجئين إلى الدول المجاورة لأوكرانيا. لو فتحتم أفواهكم بعد ذلك تتغنون بالحريات فأنتم منافقون بلا حياء.
الإنسان في أوكرانيا هو الإنسان في فلسطين وليبيا وسوريا ومصر والعراق.. وأي مكان. والدم العربي ليس أرخص من الدم الغربي، والأمن القومي هو الأمن القومى لأي دولة في أي مكان. رفضتم صواريخ الاتحاد السوفيتي في الستينيات منصوبة قبالة أراضيكم في كوبا، فكيف تقبل روسيا نصب صواريخكم النووية في أوكرانيا وهي على بعد خمس دقائق من روسيا! وفي النهاية لا يغيب عن البال أن حملة خنق روسيا بروفة تهديد للصين.. وإنذار!