إنها حرب روسيا والناتو بالوكالة
دخلت العملية العسكرية الروسية الخاصة لغزو أوكرانيا، اليوم الأحد، رابع أيامها، وهكذا نكون جمعنا في التوصيف ما يريده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وما تعكسه حقيقة الموقف على الأرض من أنه غزو بمعنى الكلمة.
حتى وقت متأخر من مساء أمس لم تحقق القوات الروسية أهدافها بالدخول والسيطرة على العاصمة كييف، وبدأت الآلة الاعلامية الغربية تبث مقاطع لأرتال من الدبابات والعربات الروسية المدمرة، وتقارير عن إحباط وتراجع الهمة عند الروس بسبب المقاومة الأوكرانية..
وكان الكرملين برر البطء في العمليات أمس بأنه استجابة لفكرة التفاوض في مينسك أو المجر مع الحكومة الأوكرانية، ولما تراجعت كييف، أمر بوتن بهجوم متعدد المحاور علي العاصمة. بالفعل يمكن تفسير تراجع الرئيس الأوكراني في ضوء التصريح الأمريكي بأن قبول التفاوض هو دبلوماسية تحت تهديد السلاح. بقبوله رفض التفاوض، اتضحت أبعاد الفخ الغربى للقوات الروسية، فحتى هذه اللحظة تتدفق أسلحة الاتحاد الأوربي والناتو على أوكرانيا، وأخطرها بالقطع الصواريخ التى أذلت الاتحاد السوفيتي في حملته لغزو أفغانستان، وهي صواريخ ستنجر. تم تطويرها طبعا، فهي ماسورة طولها متر ونصف تقريبا محملة برأس متفجرة، ومداها خمسة كيلومترات، وموجهة بالليزر، وتصطاد الطائرات على ارتفاعات منخفضة.
روسيا والناتو
ما يجرى حاليا هو حرب بالوكالة بين روسيا وحلف الأطلنطى على الأرض الاوكرانية. يحارب الأوكرانيون بالسلاح الأطلنطي، ويحارب الأطلنطي بالبشر الأوكرانيين، مدنيين وعسكريين. ربما يثور السؤال: أليس من حق الأوكرانيين الدفاع عن بلدهم وسلامة ووحدة أراضيهم ؟ بلي. من حقهم. لكن من حرض علي العناد. من أعطى الوعود ثم تنصل. من وضع قوات الغرب على أرضه؟ بصراحة تم استهواء القيادة الأوكرانية ودفعها لموقف تحارب فيه ثاني قوة مسلحة فى العالم، وهى بلا نصير. في اليوم الأول من العمليات لم يتقدم أحد للمساعدة وصرخ زلينسكي: تركوني وحيدا..
مع تدفق الصور عن نزوح النساء وبكاء الأطفال وتفريق العائلات علي حدود أوكرانيا مع رومانيا ومع المجر ومع سلوفاكيا، وإرجاع الرجال للقتال، طبق الغرب خطته بالاعلان عن تسليح أوكرانيا، ولو تأملنا تصريح الرئيس ماكرون أمس حين قال إنها حرب طويلة الأمد، فسندرك أن الهدف هو استنزاف القوة الروسية وتجريدها من كبريائها بسلاح غربي وبشر أوكرانيين لأطول فترة ممكنة.
السلاح الغربي لم يكن أمس صواريخ ودبابات وقذائف فقط، بل تعرض موقعا الكرملين ووزارة الدفاع. لهجوم سيبراني فتعطلا، ولا يمكن استبعاد أمريكا من هذا الفعل.. وكان جنرالات البنتاجون وضعوارخيارات عديدة أمام بايدن لتعطيل روسيا تماما بالسلاح السيبراني: إختراق وتشويش وتعطيل الكهرباء والنت والطيران.. وهو ما رفض بايدن الآخذ به.. لكن يبدو أنه أخذ به جزئيا على الأقل في هذه المرحلة من الحرب..
هي إذن حرب مفتوحة بالوكالة، يريد بوتين أن يخرج منها قوة عظمى استردت اعتبارها وإنهاء عصر القطب الأوحد، وتريد أمريكا أن يخرج منها مفككا منهارا كما خرج الاتحاد السوفيتي من افغانستان جثة متحللة..
على الأطراف دول ذات علاقات بالجانبين.. علاقات استراتيجية وتحالفات.. وبخاصة في اقليمنا.. وهي الآن جميعها تتحسب وتحسب كل خطوة وكل كلمة.. لها وعليها.. وعيون موسكو ترصد.. وعيون واشنطن تتوعد!
المشهد مفتوح.. ونتابع