رئيس التحرير
عصام كامل

إجابة لم تعد صحيحة على سؤال موجه لروسيا!

بينما تمضى الاستعدادات للحرب علي جانبي الحدود بين روسيا وأوكرانيا، وحتى داخل منطقة التماس فى دونباس، وبينما يتوالى حشد قوات الناتو في شرقي أوروبا وبخاصة في بولندا وبلغاريا، وبينما تدرب أوكرانيا مائة ألف متطوع مدني على أعمال القتال والإسعافات الميدانية، ربما يكون من المفيد إعادة طرح سؤال جوهرى سبقت الإجابة عليه، فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية الروسية العالمية، وهو ماذا تريد روسيا من أوكرانيا بالضبط؟ 

 

بالفعل سبق ل روسيا أن أجابت على هذا السؤال: أريد من أوكرانيا أن توقع على وثيقة مكتوبة بأنها لا ترغب ولن تنضم الى حلف الناتو، وأن يتعهد الغرب بذلك.

مع تداعى الأوضاع، وإصرار الغرب على مواصلة أكبر حملة تضليل اعلامي لتشويه روسيا، مع الالحاح المستمر من جانب السياسيين وترديدهم أنهم بصدد معاقبة روسيا، وبعد إعلان بوتن أول أمس الاعتراف باقليمي لوهانسك ودونتسيك جمهوريتين مستقلتين، ودخول القوات الروسية بالفعل الي أراضي أوكرانيا في هاتين الجمهوريتين، لم يعد الجواب الروسي مناسبا للسؤال الذى يطرحه العالم كله حاليا..

 

 نورد ستريم ٢

 

وبالتالي يكون من المنطقى إعادة طرح السؤال في السياق الدراماتيكي الملتهب الايقاع: ماذا تريد روسيا من هذا الضغط العسكرى الهائل على أوكرانيا؟ الاجابة أن روسيا تجاوزت أوكرانيا، وتعلن عن روسيا فى قوة لرد الاعتبار ونفض الاهانات الغربية التى تعرض لها الإتحاد الروسي، منذ بدء تفكيك الامبراطورية الروسية، وهذه الرؤية عبر عنها وزير الخارجية الأوكراني بأن الحرب ليست على أوكرانيا بل علي اوروبا.. مستهدفا تعميق الخلاف الغربي الروسي لصالح بلاده بالطبع.

 

ولعل هذه الرسالة الناشئة عن لهجة خطاب بوتن إلى الأمة الروسية، والعالم، وصلت كاملة إلى صانع القرار، ومحرض أوكرانيا في البيت الابيض، وهو ما يفسر التصريح الذى خرج عن الإدارة الامريكية في وقت متأخر من أمس بأن بايدن مستعد يتواصل مع بوتن لو خفف التصعيد وتوقف عند هذا الحد!

 

نفذ بوتن خطته الذكية، وأشاد بها ترامب خصم بايدن، وتمكن من ادخال قوات روسية بعد الاعتراف بالجمهوريتين، تحت ستار حفظ السلام، وهي قوات ستدافع عن الاقليمين، ودخول هذه القوات جزئيا هو غزو مخفف، قبل بدء الغزو الشامل.. ورغم كل العقوبات المصرفية والتكنولوجية ووقف خط الغاز الالماني نورد ستريم ٢، فإن الغرب بدأ يتعامل مع القرار الروسي كأمر واقع ويطلب التوقف عند هذا الحد وبدء التفاوض. 

 

 

القوة إذن تعيد رسم الخريطة من جديد، وربما كانت سوريا هى مسرح العمليات الأول لرفض سياسة القطب الأوحد في العالم فهناك تحدت روسيا الغرب والعرب في رفضهم لبشار الأسد، وتم التأكيد علي تعدد القطبية بضم القرم عام ٢٠١٤، ثم أعطى الناتو بتحرشه بالجوار الروسي، الفرصة كاملة ل روسيا للاعلان الكامل عن انتهاء العصر الامريكي، وأن العالم متعدد الأقطاب، فهناك الصين وهناك روسيا وهناك واشنطن..

رد الاعتبار للأمة الروسية هي الإجابة الصحيحة للسؤال الدائم: ماذا تريد روسيا من أوكرانيا؟

الجريدة الرسمية