خريطة العالم الجديد
عقب انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1989م، برزت الولايات المتحدة الأمريكية كقطب أوحد يسيطر على العالم، وراح المنظِّرون السياسيون الأمريكيون يبشِّرون بما أسموه بالقرن الأمريكي، وهيمنة أمريكا على العالم، وبدأت ملامح نظام عالمي جديد في الظهور على المسرح السياسي والاقتصادي الدولي، ووجدت فكرة العولمة أصدَاءً واسعة في فضاءات التنظير السياسي، واندفعت وسائل الإعلام حول العالم تتحدَّث عن سمات العولمة الفكرية والاقتصادية والاجتماعية، وولادة منظومة جديدة من العلاقات الدولية بين المجتمعات والدول..
منظومة لها معالمها ومقوِّماتها الثقافية والفكرية التي تنتشر بين الأجيال، وتسيطر فيها الشركات العابرة للقارات على الاقتصاد العالمي.. وكانت أمريكا تعني بالنظام العالمي الجديد أنها باتت القطب الأوحد، والمسيطر المنفرد، وصاحب القرار الأخير، على وجه الكرة الأرضية.
وفي هذه الأيام، تتشكل خريطة جديدة للعالم، أو خريطة العالم الجديد.. فهناك قطب يعود، ومارد يعلن عن نفسه، الدب الروسي ينتفض من جديد.. والعملاق الأصفر يكشر عن أنيابه.. الصين وروسيا ستصبحان القطبين الجديدين.
نظام عالمي جديد
أمريكا دخلت مرحلة الغروب، وبدأت رحلة المغيب.. هي تعيش هذه الأيام خريف العمر. فالدول تمر بمراحل كالفصول الأربعة؛ صيف.. شتاء.. ربيع.. خريف. الولايات المتحدة صنعت لنفسها جدرًا وحواجز من الكراهية لدى كافة شعوب العالم، خصوصًا في المنطقة العربية؛ بعد ما فعله جورج بوش "الأب والابن" في الوطن العربي، والانتهاكات التي تورطوا بها، زاعمين أنهم ينشرون الديمقراطية، بينما هم ينشرون الخراب والدمار حيثما حلوا.
غياب القوى الأمريكية والأوروبية عن المشهد العالمي، يغري الصين بانتهاز هذه الفرصة التي تنتظرها منذ سنوات، للبدء في وضع قواعد جديدة والشروع في اتخاذ إجراءات تتوافق ورؤيتها للحوكمة العالمية. النظام العالمي الجديد وشيك التشكل، روسيا – الصين – الهند.. وستصبح فيه مصر قوة إقليمية عظمى؛ فما أنجزته مصر خلال السنوات، منذ 2014 حتى الآن، يشي بذلك، شريطة الإستمرار في القضاء على الفساد.
ونالت الدولة المصرية ثناء مواطنيها؛ حيث تحسبت للأزمة الخانقة في القمح.. وسارعت، بتوجيهات رئيسها، باتخاذ إجراءات حاسمة وقوية للحد من فاقد المحصول، وتنويع مصادر الاستيراد، ولم يسعفها الوقت لزيادة زراعات القمح، وصولًا إلى الاكتفاء الذاتي.. وإن كان ذلك ضمن مخططاتها.
أما بالنسبة لعودة أبنائنا من أوكرانيا، فقد مرت لحظات عصيبة عليهم هناك، ولكن علينا أن نشيد بشفافية الحكومة، وصدقية الوزراء المعنيين في مكاشفة أهالي المصريين العالقين في كييف، وباقي المدن، بتفاصيل الموقف والإجراءات التى تتخذها السفارة المصرية أولا بأول من أجل عودة المصريين العالقين في أوكرانيا. دعونا نبتهل إلى الله، أن يكتب السلامة لوطننا وأبنائنا من هذه الكارثة.