عمر حرب أوكرانيا
سؤال اليوم الثالث للحرب الأوكرانية الذي فرض نفسه هو: ما هو عمر هذه الحرب؟! وهل تنتهي سريعًا أم تطول لزمن غير محدد؟ ففى يوم أمس لاحت في الأفق توقعات بأن تنتهي هذه الحرب سريعًا بعد أن توسط الرئيس الأوكراني لدى الرئيس الفرنسي ليقنع الرئيس الروسي بالعودة إلى طاولة المفاوضات، وهو ما أعلن الكرملين الاستجابة له وأعلن استعداده لإيفاد وفد من العسكريين والسياسيين إلى مينسك لإتمام هذه المفاوضات.. ورغم أن الرئيس الأوكراني أعرب عن رغبته أولا في إجراء هذه المفاوضات في بولندا، ثم في إسرائيل إلا أن الأمل في استئناف هذه المفاوضات ظل موجودًا ويراود كل من يريد تجنيب أوروبا ويلات تلك الحرب!
اليوم الثالث للحرب
لكن هذا الأمل اختفى صباح اليوم الثالث للحرب، في البدء مهد لذلك الرئيس الأوكراني في ليل أمس عندما خرج ليعلن أن القوات الروسية سوف تقتحم العاصمةَ كييف ليلًا، وليبلغ زعماء أوروبا أنه قد لا يتمكن من التواصل معهم مستقبلا لأن القوات الروسية التي تحاصر كييف تستهدفه وتبحث عنه.. وصباحًا أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي أمر قواته بالتوقف عن عملياتها العسكرية حتى تكون هناك هدنة خلال إجراء المفاوضات مع الحكومة الأوكرانية التي سبق أن طالب الجيش الأوكراني بتسلم السلطة منها، لكن تلك الحكومة أجهضت فرصة الهدنةَ واستئناف المفاوضات بعد أن انقطع الاتصال معها.. ثم تلا ذلك إعلان الرئاسة الاوكرانية أن الروس فرضوا شروطًا غير مقبولة لاستئناف المفاوضات.
وبصرف النظر عمن هو المسؤول عن الأمر فإن النتيجة الواضحة هي أن المخاوف من إطالة أمد الحرب زادت مع اليوم الثالث لها، خاصة أن الكرملين أعلن أن الرئيس بوتين أمر قواته مجددًا باستمرار التقدم في الأراضي الأوكرانية.. وقد ظهر صدى لذلك في تقديرات بعض الحكومات الأوروبية التي بدأت مع اليوم الثالث للحرب تتوقع أنها سوف تطول وستكون استنزافًا للقدرات الروسية، ولعل ذلك ما تأمله أمريكا وكثير من حلفائها الأوروبيين أيضًا.
وبما أننا ما زلنا في اليوم الثالث من الحرب يصعب الجزم بعمر هذه الحرب وكيف ستنتهي.. غير أن المؤكد أنه ليس صعبًا توقع تداعياتها على الاقتصاد العالمي، وبالتالي اقتصاديات كل دول العالم.. فحتى لو انتهت هذه الحرب سريعًا وتم التوصل إلى اتفاق يحقق حياد أوكرانيا، فإن الاقتصاد العالمي لن يتمكن سريعًا من أن يتفادى تداعياتها، خاصة أن الحرب فاجأته وهو يصارع تداعيات جائحة كورونا عليه.. على كل حال إن عمر هذه الحرب سيكون عاملًا مهمًّا في صياغة مستقبل النظام العالمي.