السلفية تحول الجامعات الجزائرية إلى جحيم على الأساتذة والطلبة
حرب مستعرة على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب توغل الجماعات السلفية داخل الجامعات الجزائرية، ومحاولة فرض نمطها في المظهر والفكر والسلوك على المجتمع الجامعي، مما دفع بعض الأساتذة لشن هجوما شرسا عليها على صفحات الصحف.
جحيم السلفية في الجامعات
الدكتور أحمد محمود عيساوي، أستاذ الدعوة وطرق الاتصال بجامعة باتنة، أحد الذين شنوا هجومًا ناريًّا على السلفية، مطالبا الدولة بإنقاذ الجامعة مما أسماها «جحيم السلفية الشاذة».
وأوضح عيساوي أن الكثير من الباحثين والدارسين المتخصصين في مجال الجماعات السلفية الجهادية والعلمية –ولا سيما الجزائرية منها - يخطئون بشدة عندما يحصرون خطورة السلفية الجماعات الجهادية فقط، ويبعدونها عن الجماعات السلفية العلمية، موضحًا أن الأخيرة هي المنبع الرئيسي والشلال الفكري للسلفية الجهادية.
وأضاف: ائتني بسلفي يُبدِّعُ ويُفسِّق ويكفِّر ويُخرِج من الملة لأتفه الأسباب، أجعل لك منه سلفيًّا جهاديًّا تفجيريًّا داعشيًّا، مردفًا: هكذا قضت القاعدة السائدة من دراسة سلوك الجماعات السلفية الجهادية والعلمية، إذ تبدأ خطواته الأولى في حدود التكفير والتبديع والتفسيق والإخراج من الملة، ثم الاعتزال والوحدة والنقمة والبراءة والخروج.
وتابع: هكذا حتى تتحول وتتفاقم الحالة النفسية والوجدانية والفكرية المعتوهة لديه ليُحوِّلَ تلك الأفكار إلى رصاص وبارود ومتفجرات داعشية، تحلم بالجهاد لتكوين دولة الخلافة.
خطورة التيار السلفي على الجامعات
كما يخطئون في تقدير وتأثير وخطورة التيار السلفي على حاضر ومستقبل ومصير الأمة الإسلامية عموما، وعلى الخطاب الإسلامي الوسطي السمح خصوصا، وذاك هو مكمن الخطورة الذي يجب أن نتحسّسه ونتجسّسه عن قرب من خلال التعامل اليومي والمباشر مع أفراد هذا التيار يوميا عبر شبكة سلوكية واجتماعية واقتصادية ومالية مدروسة ومضبوطة ومعلومة ومحسوبة.
وأضاف: يفجرون الجامعات الجزائرية ولا أمل في النقاشات والحوارات العلمية والمنهجية الحوارية والمكتوبة والمسموعة مع الطلبة والطالبات السلفية لسنين طويلة.
وتابع: في مدرجات وقاعات الدرس العلمي الشرعي بيّنت لهم بالأدلة من الكتاب والسنة وتطبيقات عصر الصحابة وأبنائهم وتابعيهم بإحسان أن تديّنَهم هو عبارة عن خلاصة ما نبع من أفهام وأقوال رجال عصر الخمود والركود العلمي والأدبي فقط.
واستطرد: ليس لهم تدينٌ خاضع لسلطان الكتاب والسنة، وما من سلوك ديني فردي أو جمعي أو حكم يتبعونه، إلا وهو مخالف لظاهر السنة وللكتاب، فلا توجد لديهم حتى رؤية ظاهرية لتطبيقات الكتاب والسنة كما يدَّعون.
واستكمل: بحكم مخالطتي شبه الدائمة بأبناء هذا التيار في قاعات ومدرجات الجامعة، ألاحظ سلوكياتهم البشعة، وأخلاقهم وتصرُّفاتهم المشينة، حيث لا سلام ولا تحيّة ولا ردّ لها ولا ابتسامة ولا علاقة بشرية طيّبة تربطهم بغير السلفي المرضيِّ عنه من مشايخهم.
مقاطعة الدروس والمحاضرات
وأضاف: يدخل عليك طالبٌ سلفي المدرج أو قاعة الدرس وهو يجرُّ بقايا شبشب بلاستيكي قديم وبقدمين متسختين، وكأنه ذاهبٌ إلى بيت خلاء، دون حياء أو حشمة من بقية الحاضرين والحاضرات، وإن سألته ما هذا الزي، يجيبك بسرعة: إنها إحياء سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأردف: هل تعرف سنة الذكاة والذبح، وهل تعرف بابهما في كتب الفقه وأين ترتيبه، فيسكت ويقول لا، وإن قلت له إن من سننه عليه الصلاة والسلام غراسة الأشجار وإماطة الأذى فيخفض رأسه، في مشهدٍ مسرحي يتكرر بداية كل سنة.
واستزاد: يقاطعون الدروس والمحاضرات ويُنصِّبون أنفسهم على رؤوس دعوة المضادة في الأحياء الجامعية ضد الأساتذة غير السلفيين، ويقومون بتصنيفهم؛ فهذا صوفي مشرك، وهذا صنف من الأساتذة أشعري ضالّ، وهذا صنف من الأساتذة إباضي معتزلي منحرف يجب استئصاله، وهذا رئيس قسم أو عميد نتّقيه ونداهنه من أجل نيل الشهادة الجوفاء، مردفا: هذه هي كل نشاطاتهم اليومية.
واستكمل: من بداية استفحال الظاهرة السلفية في الجامعات منذ التسعينات وحتى اليوم، كنا نحسب أننا بمجرد مناقشتهم ومحاورتهم بالدليل من الكتاب أو السنة سيقتنعون ويرجعون إلى طريق الحق.
واختتم: بعد معالجة فكرية وعلمية دامت لأكثر من عقدين من الزمن تبين أنهم مجموعة من المستأجَرين من قبل قوى الشر والظلامية الداخلية والخارجية لتعكير المشهد الديني على الدعاة، وأشعاله بالصراعات الهامشية والاحتراب والفتنة والصراع.