السبت 12 فبراير
هذا اليوم قبل إحدى عشر عاما مضت كان هو أول يوم من نحو ٥٠٠ يوم تولى فيها المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير طنطاوى إدارة شئون البلاد بعد تنحى مبارك الذى آثر تسليم السلطة له رغم إنه قبلها بيوم كان قد فوض سلطاته لنائبه اللواء عمر سليمان.. وأبرز ما شهده هذا اليوم هو اجتماع ثلاثي بين اللواء عمر سليمان والفريق شفيق والمشير طنطاوي في مقر وزارة الدفاع، وهذا الإجتماع كان متفقا عليه بينهم في الليلة التي تنحي فيها مبارك لبحث ومناقشة كيف سيتم إدارة شئون البلاد، وتحديدا بحث فكرة إنشاء مجلس رئاسي خلال المرحلة الانتقالية يضمهم هم الثلاثة وشخصيات أخرى ليتولى صلاحيات رئيس الجمهورية في المرحلة الانتقالية، وهي الفكرة التي توافقوا عليها فور تنحي مبارك.
غير أن الاجتماع انتهى دون أن يتم طرح ومناقشة تلك الفكرة، حيث بدأ المجلس الأعلى للقوات المسلحة يمارس دوره فعلا في إدارة شئون البلاد.. وبذلك لم يعد ثمة دور للواء عمر سليمان، حتى إنه لم يجد ترحيبا من قبل المشير طنطاوي للذهاب إلى القصر الرئاسى لممارسة مهام عمله الروتينية كنائب للرئيس، وقد أدرك ذلك الرجل وأسر به للفريق شفيق وقتها بعد انتهاء الاجتماع.
حكومة الفريق شفيق
أما الفريق شفيق فقد طرح ضرورة إجراء تعديلا في حكومته يسمح بضم عناصر لم تكن مشاركة في العمل الوزاري في عهد مبارك لتلقي حكومته قبولا جماهيريا، وقد رحب المشير طنطاوي بذلك، وتم بالفعل هذا التعديل الذي شمل ضم كل من منير عبد النور والدكتور جودة عبد الخالق إلى الحكومة ومعهما الدكتور يحى الجمل الذى استجاب الفريق شفيق لطلبه بتعيينه نائبا لرئيس الحكومة بصلاحيات مفتوحة غير محددة كان من بينها شئون مجلسى الشعب والشورى، والتي كان من بينها الإشراف على الصحافة القومية والتليفزيون الحكومي..
إلا أن حكومة الفريق شفيق الجديدة بعد التعديل لم تستمر سوى أقل من ثلاثة أسابيع، اضطر الرجل إلى تقديم استقالته ل المشير طنطاوى الذي قبلها على الفور على أثر خلاف حول ظهور الفريق شفيق في برنامج تليفزيوني، رغم أن المشير طنطاوى سبق أن أكد له تمسكه بوجوده على رأس الحكومة بعد تنحي مبارك وحينما فكر هو في الابتعاد وترك منصب.
وبذلك انفرد المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد.. وكانت أهم مشكلة واجهته هى التعامل مع الإخوان، لأن محاولات اللواء عمر سليمان التى قام بها للتوصل إلى إتفاق معهم قبل تنحى مبارك لم تنجح لآن الإخوان وقتها رأوا في أنفسهم أنهم البديل لنظام مبارك وأن الحكم يجب أن يكون من نصيبهم..
وهذا ما أدركه المجلس الأعلى للقوات المسلحة ولذلك لم يتمكن من تفادى الصدام معهم في نهاية المطاف، وتلك قصة أخرى تناولتها تفصيلا وبالمعلومات الموثقة في كتابي ٥٠٠ يوما من حكم الجنرالات، والذي تناول ما شهدته البلاد خلال فترة إدارة المجلس الأعلى لشئون البلاد. وحاول الإجابة على الأسئلة المهمة التي طرحت وقتها والتى قدم البعض إجابات انطباعية عنها.