الجمعةَ 11 فبراير
منذ صباح هذا اليوم عام ٢٠١١ أخذت جموع من الناس تتوافد على منطقة مصر الجديدة وتتجمع أمام قصر الاتحادية، مطالبين بتنحي مبارك عن الحكم، رغم أنه أعلن قبلها بيوم أنه فوض كل سلطاته لنائبه عمر سليمان وإتجه صباحا إلى مدينة شرم الشيخ ليقيم فيها.. ولذلك إلتقى كل من اللواء عمر سليمان والفريق أحمد شفيق والمشير طنطاوى في مقر وزارة الدفاع لتدارس وبحث الأمر، خاصة وأن الحشود الجماهيرية كانت تتزايد حول القصر الرئاسي..
وفى هذا اللقاء رآى الفريق أحمد شفيق أنه لا حل إلا تنحى مبارك عن الحكم تماما، وهو ما سبق أن ألمح به صحفيا قبلها بساعات، وبعد نقاش لم يستغرق وقتا طويلا وافقه على ذلك كل من اللواء عمر سليمان والمشير طنطاوى، وبناء على إقتراح الفريق أحمد شفيق أيضا إتفقوا على أن يتولى اللواء عمر سليمان إبلاغ مبارك بذلك، فقام بالاتصال به تليفونيا بالفعل.. وفى البداية تساءل مبارك ألا يكفى أنه فوض بالفعل، لكن اللواء عمر سليمان أبلغه أن الموقف عصيب ولا سبيل آخر إلا أن يتنحى عن الحكم، وعرض عليه مشروع بيان قصير كان قد أعده بذلك ووافق عليه مبارك في نهاية المطاف بعد أن إستبدل كلمة تنحى بكلمة تخلى وطالبه بعدم إعلان هذا البيان قبل أن يصل إليه في شرم الشيخ إبنيه علاء وجمال.
بيان التنحي
وبعد ذلك إتفق كل من المشير طنطاوى والفريق أحمد شفيق على أن يسجل اللواء عمر سليمان البيان بصوته ليتم إعلانه في التليفزيون بعد وصول ولدي مبارك إلى شرم الشيخ كما طلب.. غير أن الحشود الجماهيرية كانت تتزايد بمرور الوقت حول قصر الاتحادية، وكان ثمة تخوف أن تقتحم القصر، بينما تأخر مغادرة أسرة مبارك القاهرة وسفرهم إلى شرم الشيخ بسبب حاجة سوزان مبارك لفحوصات طبية، ولذلك عاد الفريق أحمد شفيق ليقترح أن يعاود اللواء عمر سليمان ليبلغ المشير طنطاوى بضرورة الإعلان فورا لبيان التنحى ووافقه المشير طنطاوى، واستجاب اللواء عمر سليمان..
لكن مبارك عاد وطالبه ألا يتم الإعلان إلا بعد إقلاع الطائرة التى تقل نجليه القاهرة.. وفي ذات الوقت كان اللواء اسماعيل عتمان مدير التوجيه المعنوى بالقوات المسلحة وقتها قد تسلم الشريط الذى سجل عليه اللواء عمر سليمان بيان التنحى وذهب به إلى ماسبيرو إنتظارا لتعليمات تليفونية منه شخصيا تأتيه من المشير طنطاوى بإذاعته، وهو ما حدث بالفعل بعد أن تحركت طائرة أسرة مبارك فى طريقها إلى شرم الشيخ.
وفور إذاعة البيان تحول الغضب الذى كان يسيطر على الحشود الجماهيرية أمام قصر الاتحادية إلى فرحةَ غامرة زادت بزيادة تلك الحشود في التحرير والاتحادية ومناطق أخرى من القاهرة، بل ومن البلاد. غير أن تلك الفرحة بمرور الوقت تحولت إلى حزن بعد أن تمكن الإخوان من حكم البلاد أخذ في التزايد مع اتجاههم لأخونة المجتمع وطمس هوية الدولة المصرية..
وبعد تنحى مبارك ببضعة أسابيع قليلة إنفردت بنشر قصة هذا التنحى في حلقات على صفحات جريدة الأخبار بعنوان الساعات الأخيرة من حكم مبارك، وهو عنوان كتاب صدر لى أيضا عن مؤسسة أخبار اليوم في شهر أبريل عام ٢٠١١، أعقبته بكتاب آخر في خريف ذات العام بعنوان الإخوان في الحكم الذى صدر قبل أن تجرى الانتخابات البرلمانية التى فاز فيها الإخوان بالأكثرية وبعدهم السلفيين، وكان الكتاب يتنبأ بما حدث.