الإلهام والفيض الإلهي
الله تعالى له تجليات وإشراقات وفيوضات من مشكاة أنوار أسماؤه تعالى وصفاته عز وجل يفيض بها سبحانه وتعالى ويشرق على قلوب الأصفياء من عباده وهم أهل الإجتباء والإصطفاء وأهل الإيمان والتقوى والولاية والمعرفة وهم عباد الله الملهمين. وعلى أثر تلك التجليات تنطق ألسنتهم بأنوار العلوم والمعارف وهم الذين يشار إليهم بأنهم أصحاب لسان منوب عن صاحب الحضرة وهو لسان ينطق بالنور والحق..
منها ذلك قول أحدهم من مخاطبات حضرة الربوبية للعبد.. عبدي طلبك للإستدلال على وجودي ووحدانيتي وتفردي دلالة على طمث بصيرتك وغياب عقلك ووجود حجابك وعدم النظر في كتابي وتأملك في خطابي والنظر في آياتي.. فآياتي ظاهرة جلية مشاهدة بعين الرأس.. عبدي.. أنظر في مظاهر عوالم خلقي من حولك. أنظر إلى سمواتي المرفوعة بغير عمد ترى.. وانظر إلى الشمس والقمر وتعاقب الليل والنهار بحولي وقدرتي. "لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ"..
عبدي أنظر إلى النجوم التي زينت بها سمائي وجعلتها رجوما للشياطين.. أنظر إلى أرضي وكيف بسطها وجعلت جبالي رواسي عليها أن تميد بكم. أنظر إلى بحاري ومحيطاتي وأنهاري كيف شققت الأرض وأجريتها وبعوالم من خلقي ملأتها.. أنظر بديع صنعي فيما أوجدت على ظهرها وما أبطنته فيها وما أخرجته منها.. أنظر إلى ما أوجدته في أرضي من حب ومعدن ونبات وحيوان وطير وهوام ودواب وزواحف وحشرات وعجائب مخلوقات وكائنات لا تري بالعين المجردة.عبدي.. كل ما يقع عليه بصرك هو آية من آياتي دالة على وجودي وعظيم إبداعي وطلاقة قدرتي وعلى أني الواحد الأحد الفرد الصمد..
دلائل قدرة الله
عبدي أنظر إلى نفسك ومملكة تكوينك وتأمل.. "الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ".. من الذي أقامك في أحسن تقويم؟ من الذي شق لك السمع والبصر وركب فيك العقل وجعله محلا للفهم والتمييز والقياس والإستدلال والتدبر والإبداع والإبتكار والإختراع؟ من الذي سخر لك ما في السموات والأرض؟
عبدي.. هل سمعت أو رأيت من ينازعني في ملكي؟ هل وجدت من إدعي أنه شريك لي في ملكي؟ عبدي: أنظر إلى ما صنعت بمن إدعى الربوبية، فرعون والنمرود؟ أنظر إلى فرعون الذي أغرقته ونجيته ببدنه وجعلته آية للاعتبار يطاف بجسده في البلدان.. أنظر إلى النمرود وما فعلت به عندما ادعى الربوبية وكيف سلطت عليه بعوضة كائن ضعيف لا حول له ولا قوة فأذلته وكانت سببا في القضاء عليه وهلاكه..
عبدي لا ولن تجد إلها غيري ولا رب سواي فأنا الإله الخالق الواحد الأحد الفرد الصمد المتنزه عن الوصف والكيف والذي لا يشار إليه بأين بعينه وأنا الموجود في كل أين بلا كيف.. لا يشار إلي بفوقية.. صفاتي تخالف صفات خلقي فأنا القوي وهم الضعفاء وأنا الغني وهم الفقراء وأنا العليم وهم الجهلاء وأنا القادر وهم العجزاء وأنا الذي ليس كمثله شئ. وأنا الخالق والواجد والمصور والمظهر لكل شئ. بيد قدرتي أبدعت في خلق المخلوقات وبقديم علمي قدرت مقدرات الخلق وكل ما يتعلق بأمره.. علمي بخلقي سابق وجودهم..
عبدي.. أنا الأول والآخر والظاهر والباطن وأنا بكل شئ عليم. لا تخفى علي خافية فسمعي يستوعب كل أصوات عوالم الكائنات وبصرى لا يغيب عنه صورة من صور الكائنات.. وعلمي سابق أحاط بقبل القبل وبعد البعد. وبقدرتي هيمنت على جميع ما في الكون ولا حركة ولا سكنة إلا بي. بعلمي وبحولي وقدرتي وتقديري..
عبدي.. كيف يستدل على وجودي بمن هو مفتقر إلى في وجوده؟ ومتى غبت حتى يستدل علي. ومتى بعدت حتى تكن الآثار والعوالم الكونية هي التي تقرب إلي؟ عبدي.. أنا القريب من حيث لا مسافة فأنا أقرب إليك من قرب روحك إلى جسدك ومن قرب نور بصرك إلى عينيك ومن قرب نور سمعك من أدوات السمع..
عبدي دعوتك في قرآني إلى النظر والتفكر والتأمل في آياتي لكي لا تكن لك حجة علي فأنا صاحب الحجة البالغة. عبدي إيمانك بي لن يزيدني شئ وكفرك بي لا ينقصني شيء فأنا الغني عن العالمين. عبدي.. أني لا أطاع بإكراه ولا أعصى بغلبة ولو شئت لآمن بي كل البشر ولكن لي شأن وحكمة في كل ما أوجدت وكل ما قدرت وقضيت..
عبدي.. تدبر وتأمل وتفكر وأستعن بي أهديك إلي وأفتح لك باب المعرفة بي وعندها يستنير قلبك وينشرح صدرك ويتزكي فهمك وتدرك أنه لا إله غيري ولا رب سواي.