سيف الدولة الحمداني "الأمير الفارس".. تزاحم على بابه الأدباء.. وسك عملة خاصة للشعراء من مادحيه
يوافق اليوم الأربعاء 9 فبراير ذكرى وفاة سيف الدولة الحمداني، الذي كان من أكثر الأعضاء بروزا في الدولة الحمدانية، وقد خدم تحت ولاية أخيه الأكبر في محاولات من أخيه للسيطرة على الدولة العباسية الضعيفة في بغداد في أوائل 940 م، وبعد إخفاق هذه المحاولات، تحول طموح سيف الدولة تجاه سوريا، حيث واجه طمع الأخشيد من مصر للسيطرة عليها، بعد نشوء حربين معهم.
كانت سلطته على شمال سوريا مركزها في حلب، والجزيرة الغربية مركزها ميافارقين، وكان معترفا بها من قبل الأخشيد والخليفة، لكن عانت مملكته من سلسلة من التمردات القبلية حتى 955 م، لكنه كان ناجحا في التغلب عليها والمحافظة على ولاء أهم القبائل العربية حتى أصبحت دولة سيف الدولة في حلب مركز الثقافة والحيوية، وجمع من حوله من الأدباء ومنهم أبو الطيب المتنبي الذي ساعد في ضمان شهرته للأجيال القادمة.
نهضة شاملة
بالرغم من الطابع العسكري والحربي لدولة الحمدانيين بصفة عامة، وإمارة سيف الدولة على نحو خاص، فإن ذلك لم يصرف الأمير “سيف الدولة” عن الاهتمام بالجوانب الحضارية والعمرانية. فقد شيّد سيف الدولة قصره الشهير بـ”قصر الحلبة” على سفح جبل الجوشن، وتميز بروعة بنائه وفخامته وجمال نقوشه وزخارفه، وكان آية من آيات الفن المعماري البديع، كما شيّد العديد من المساجد، واهتم ببناء الحصون المنيعة والقلاع القوية.
وشهدت الحياة الاقتصادية ازدهارا ملحوظا في العديد من المجالات؛ فمن ناحية الزراعة كثرت المزروعات، وتنوعت المحاصيل من الحبوب والفاكهة والثمار والأزهار، فظهر البُرّ والشعير والذرة والأرز والبسلة وغيرها. كما ظهرت أنواع عديدة من الفاكهة كالتين والعنب والرمان والبرقوق والمشمش والخوخ والتوت والتفاح والجوز والبندق والحمضيات. ومن الرياحين والأزهار والورد والآس والنرجس والبنفسج والياسمين. كما جادت زراعة الأقطان والزيتون والنخيل. وظهرت صناعات عديدة على تلك المزروعات، مثل: الزيتون، والزبيب، كما ظهرت صناعات أخرى كالحديد والرخام والصابون والكبريت والزجاج، ففتح لهم بلاطه وخزائنه، حتى كانت له عملة خاصة يسكها للشعراء من مادحيه، وفيهم المتنبي وابن خالويه النحوي المشهور، والفارابي الفيلسوف الشهير، كما اعتنى بابن أخته أبو فراس الحمداني. وقال هو نفسه الشعر، وله أبيات جيدة.
حروبه ومعاركه
احتفل بسيف الدولة على نطاق واسع لدوره في الحروب الإسلامية البيزنطية، مواجها الامبراطورية البيزنطية في أوج قوتها والتي استطاعت في بدايات القرن العاشر السيطرة على بعض الأراضي الإسلامية، وفي أثناء مصارعة عدو متفوق بكثير، شن سيف الدولة غارات في عمق الأراضي البيزنطية متمكنا من فتح بعض المناطق، واستمر ذلك حتى عام 955م، بعد ذلك قاد القائد الجديد للقوات البيزنطية نقفور الثاني ومساعدوه هجوما قصم قوات الحمداني، واستولى البيزنطيون على قلقيلية، كما احتلوا حلب نفسها لفترة وجيزة في 962.
وتميزت السنوات الأخيرة لسيف الحمداني بالهزائم العسكرية، لعجزه المتزايد نتيجة المرض، وانخفاض سلطته التي أدت إلى ثورة أقرب مساعديه، وقد مات في بدايات 967، تاركا عالما أضعف فقد أنطاكية والساحل السوري لبيزنطة لتصبح من الإمبراطورية البيزنطية عام 969 م.