رئيس التحرير
عصام كامل

العالم فى خطر!

البديل عن الحرب في المأزق الروسي الأوكراني الأمريكي الحالى هو استمرار حالة التنمر من الأطراف كافة، دون القدرة على إطلاق رصاصة واحدة، وإذا كانت مفردات المشهد توحى بأن بوتين ذهب مسافة بعيدة في التصدى للمشروع الأمريكي للتوسع حتى أبواب روسيا، فإنه من غير المرجح أن يتراجع ما لم يحصل على تنازلات تصون موقفه، وتطلق زعامته من جديد في الصراع على قطبية العالم. 

 

والمعروف أن الولايات المتحدة باتت تصنف الصين لا روسيا العدو الرئيسي، الذي طورقدرات تكنولوجية وعسكرية ضخمة ناهيك عن الطفرة الاقتصادية والتمدد الاستثمارى في القارة الافريقية، وتحقيق احتياطي يقدر بأكثر من ١٤ تريليون دولار، أي بعد أمريكا مباشرة في الوفرة الديناصورية من الدولارات. تمثل أوكرانيا ساحة مشتعلة للحرب الباردة بين واشنطن وروسيا. وتعكس المرارة التى يتحدث بها الرئيس بوتين لدى احساسه بالخداع من جانب الغرب بعد سقوط سور برلين مباشرة وتقديم الغرب وعودا بأن الناتو لن يتوسع قريبا من روسيا ولن يضم دولا من الاتحاد السوفيتي الذي فككه الغرب بشعارات مماثلة لما سوقوه لنا في الربيع العربي: حقوق الإنسان والعاهرة المسماة بالديمقراطية.. يطلقونها علي البيوت الآمنة لزعزعة استقرارها.

 

فخ أوكرانيا

 

وحين ينتقل بوتين من الشكوى المرة بأن الغرب خدع روسيا، إلى التحدث عن الهدف الرئيسي لما تقوم به واشنطن حاليا من تعبئة أوروبا ضده، فإنه يكشف عن سياسة الاحتواء. والإسم الحقيقي للاحتواء هو الحصار، إذ يتواجد السلاح الغربي، بصواريخه وعتاده وتطبيقاته الاليكترونية، في المجال حول روسيا، يعنى في رومانيا وفي بولندا وفي دول البلطيق وفي جورجيا.. ثم في أوكرانيا. 

 

وبينما يتأزم المشهد وتتضارب فيه المعانى والمعلومات، فإن أحدا لا يضمن الخطوة التالية. قطعت أمريكا انها لن تقاتل على أرض أوكرانيا، ولكنها أرسلت ثلاثة الاف جندى في مهمة وصفتها بالدفاعية وغير القتالية، تنشرهم شرقي اوروبا، وفرنسا ارسلت قوات وأعدت عقوبات وصفتها بالمؤلمة لروسيا، رغم الحوار بين بوتين وماكرون، وبريطانيا تواصل الاستفزاز بزيارة بوريس جونسون ل أوكرانيا، والتلويح بقائمة موجعة من العقوبات رغم الاتصال التليفونى بين بوتين وبينه. كل هذه القوات، عدا المانيا التى تقف على استحياء لحاجتها إلى الغاز الروسي، لن تقاتل القوات الروسية إذا غزت أوكرانيا. والقوات الروسية أعلن قادتها انهم لن يغزو أوكرانيا.. كل الذي تريده موسكو التعهد الكتابي بان الناتو لا يتوسع شرقا وأوكرانيا لا.

 

كل الاطراف تعلم أن النار إذا اندلعت فهى شرارة يصعب اطفاؤها.. وستكون صراع بقاء للكوكب ذاته.. ومع ذلك فالكل يركض في اتجاه التصعيد، ويعلن انه تصعيد محسوب مع مسرح العمليات، دبابات تناور، وصواريخ تنصب في بيلاروسيا، وصواريخ أمريكية في بولندا.. وقرار عصبي غاضب من موسكو أو من واشنطن، ويقع الجحيم !

 

 

تعرف موسكو أن العقوبات الاقتصادية منذ استعادة شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في عام ٢٠١٤، أطاحت بالاحتياطي التريليونى الذي صنفها في المركز العاشر، وهى لم تعد ضمن الدول الغنية الأن، وأية عقوبات غربية قاسية ستجعل الاقتصاد الروسي، والالة العسكرية الروسية في حالة احتياج عنيف لأسواق يبيعون إليها ويشترون منها.

حين يجد بوتين الطريق مسدودا.. والحصار يحيط به.. فقد لا يكون أمامه سوى إثبات أن روسيا لاتزال القوة العسكرية الأعظم، بعد الولايات المتحدة... فتكون الشرارة !

الجريدة الرسمية