رئيس التحرير
عصام كامل

ازدواجية أصحاب ولا أعز

لو يعرف من قاد وشارك في الهجوم على الفنانة منى زكي، أن نتيجة الحملة عكسية ما شارك فيها، فقد تصدرت منى، منصات الميديا وحلت تريند في جميع الدول العربية منذ أن أصبحت هدفا لمشاركتها الجريئة في الفيلم اللبناني أصحاب ولا أعز أول إنتاج سينمائي عربي لمنصة نتفليكس الأميركية، وهذه الأخيرة كانت أكبر المستفيدين من إغلاقات فيروس كورونا وتضاعف عدد مشتركيها وتمددت في العالم، غير أنها تواجه في الأشهر الأخيرة تهديدًا من منصة ديزني العملاقة التي تتقدم بوتيرة متسارعة تدفعها للصدارة العالمية وإزاحة نتفليكس.

 

لكن رب ضارة نافعة، فنجومية منى زكي واسمها، حققا للمنصة الأميركية رواجا غير مسبوق، ولم يؤد الانتقاد السلبي إلى مقاطعة الفيلم، بل زاد مشاهدته حتى أصبح الأكثر مشاهدة في أكثرية البلدان العربية، ومازال يتقدم لينافس في ترتيب المشاهدة عالميًا، وهنا يجب على نتفليكس أن تكافئ منى زكي، فلولا شهرتها الطاغية لمر الفيلم مرور الكرام ولم يشعر به أحد، لأنه ليس بالعمل القيم الذي يستحق المتابعة.

 

يعرف الجميع أن نتفليكس تتبنى نهجًا جريئًا وتؤيد بلا مواربة حقوق مثليي الجنس، كما تروج عبر أعمالها لأفكار غريبة وجريئة لا تستقيم مع القيم والعادات العربية لكنها تتسق مع الانفتاح الأوروبي والأميركي، وتسعى لترويجه ونشره في المجتمعات المحافظة على تقاليدها وقيمها، وليس بعيد عنا أن أول إنتاج عربي للمنصة كان في الأردن وصور كاملًا في المملكة الهاشمية، عبر مسلسل جن الذي يدعو للحرية الجنسية بين المراهقين، وأمام الضجة الأردنية والرفض، تقرر إيقافه لما يتضمنه من مقاطع إباحية مخالفة للقانون والأخلاق والآداب العامة، وعليه لم تستطع المنصة تصوير حلقات جديدة منه، بعدما أعلنت أن جن سيعرض في مواسم عدة.

 

ولم يكتفي الأردن بإيقاف عرض الموسم الأول، بل حذر من خطورة مضمونه على أفكار الشباب العرب، وطالب وزراء الإعلام العرب بالتدخل وإيجاد وسيلة تحفظ احترام قيم وتقاليد الشعوب من منصة نتفليكس التي تبث مواد تفسد الثوابت الأخلاقية والوطنية.

 

 نتفليكس وترويج المثلية

 

وهذا تحديدا ما تطرق إليه الفنان السعودي ناصر القصبي، بعد مشاهدته الفيلم اللبناني الذي شاركت فيه منى زكي، وقال: "فيلم أصحاب ولا أعز في أصله إيطالي نسخ بأكثر من لغة وفي نسخته العربية أحدث جدلًا، الفيلم لطيف في حواراته وإخراجه إلا أنه يطرح المثلية في محور لافت وصنّاعه يعرفون إن هذا سيكون مثيرًا ومسوقًا ايضًا!.. نتفليكس فاسدة ومفسدة في تبنيها المثلية، والتنازلات تبدأ بخطوة لذا وجب التحصين لأن فطرتنا البشرية مهددة".

 

لن أتوقف عند المدافعين عن الفيلم وأبطاله سواء من فناني مصر أو لبنان أو حتى بيان نقابة المهن التمثيلية الداعم، لأن هذا حق منى زكي عليهم، لكن سأتوقف عند ازدواجية المعايير لدى المهاجمين، خصوصا أن مجتمعنا ليس مثاليًا واعتراضه ورفضه على بذاءة الحوار في الفيلم والخيانة الزوجية وغيرها، هو في حقيقته أقل كثيرًا مما يحدث واقعيًا، وتتجلى الازدواجية مع كم ونوع الجرائم التي يعلن عنها يوميًا، وأقربها تأييد محكمة النقض بكامل أعضائها أمس، حكم إعدام مجرم عشريني اغتصب والدته ثم قتلها في مدينة طنطا بالغربية، وقبلها أحكام نافذة في قضايا زنا المحارم بحق آباء عاشروا بناتهم، وجرائم ذبح وقتل في الشوارع وغيرها الكثير..

 

ثم إن نظرة على كثير من أفلامنا القديمة سنجد فيها مشاهد ساخنة لا يمكن أن تمر رقابيًا راهنًا، أما آلاف المنتقدين لمشاركة منى زكي في الفيلم اللبناني، فلم يتطرق أيًا منهم إلى أن النسخة الأصلية للفيلم Perfect Strangers عرضت في دورة العام 2016 بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، كما عرض مرتين للجمهور في سينما زاوية، وسينما الزمالك، ومع نجاح الفيلم الإيطالي تم إعادة إنتاجه 18 مرة في دول عدة ليصبح أصحاب ولا أعز النسخة الـ 19 منه، ومن استنكر مشاركة منى زكي في النسخة العربية الحافلة بحوار فج وبذئ رغم عدم تضمن الفيلم أي مشهد خارج أو ساخن، فهؤلاء نسوا أن منى زكي، سبق أن أدت أدوارًا جريئة في فيلم إحكي يا شهر زاد ومسلسلي آسيا وأفراح القبة.

 

 

لا نريد دفن رؤوسنا في الرمال وإدعاء مثالية غير موجودة، وكان حري بالمحامي الذي تقدم ببلاغا إلى النائب العام ضد الفيلم وصناعه، أن يلتفت إلى قضايا محقة يعاني منها الشعب ويحاسب الحكومة على خطاياها وسياستها، التي تزيد معاناة الشعب بدلا من التخفيف عنه.

الجريدة الرسمية