رئيس التحرير
عصام كامل

عبدالخبير عطا.. فارس علم السياسة الذي فقدناه!

مشوار طويل له تفاصيل عديدة -ليس وقتها- للالتحاق بقسم العلوم السياسية بجامعة أسيوط.. هناك عرفنا الدكتورة درية شفيق التي أول من استقبلتني واختبرتني قبل أن تقرر قبول دفعة جديدة وقبل إنتقالها فيما بعد إلي جامعة أخري متعها الله بالصحة.. ثم الدكتور عبدالله هدية أستاذ العلوم السياسة البارز إبن مدرسة القانون والسياسة الفرنسية الذي إستفادت منه جامعات عربية أعطاها مساحة كبيرة من عمره متعه الله بالصحة.. وكان الدكتور نصر مهنا رحمه الله حيث البساطة في طرح مادته "النظم السياسية" وغيرها من مواد..

 

حوارات راقية

 

وفجأة يظهر الدكتور عبدالخبير عطا.. عائد من الخارج ورغم ذلك كأنه لم يغادر مصر ليوم واحد.. علاقات مع الجميع من الاساتذة إلي عمال الجامعة.. وتواصل مع من تخرجوا وتولوا مسئوليات مرموقة هنا وهناك.. إنما المدهش كان إدارة مواده بشكل مدهش.. المحاضرات تتحول إلي نقاش مفتوح حتي لو جمع عدة فرق دراسية معا.. قسمي العلوم السياسية مع الاقتصاد.. حتي الراغبين في الحضور من خارج القسمين.. 

 

تشجيع علي التنوع والتعدد يسمح بوجود المنتمين إلي ايديولوجيات سياسية.. فهذا اليساري وذاك الناصري وهناك الوفدي بل وبيننا من يمثل الحزب الوطني الحاكم وقتها! ثم يدير حوارا راقيا متحضرا عرفنا وتعلمنا منه للمرة الأولي كيف نسمع الآخر ونحترمه ونتعامل معه ونرد عليه دون الخروج عن الموضوع أو التجاوز إلي الشخصي! فتحولت محاضراته إلي مناسبات ننتظرها وينتظرها الجميع..  

 

وربما لن يصدق البعض أن قضايا مثل حروب المياه وتقسيم بعض الدول العربية وأغلب ما نشاهده اليوم ناقشه الرجل وطرحه علينا وأمامنا قبل أكثر من ربع قرن وقد تحقق كله! بما يبرز دور هذه العلوم في التنبؤ بالمستقبل وقدرة اصحابها علي وضع تصورات لاصحاب القرار في أي مكان بالعالم..

كان الرجل طيبا سمحا بشوشا بارا بأسرته ووالدته التي كان يذهب إليها سفرا طويلا يحصل علي البركة ويؤدي واجبات الإبن البار ويعود إلي عمله ثم يعود إلي أسرته بالقاهرة!

 

 

كانت تحليلاته السياسية بالإذاعة المصرية نموذجا في التحليل السياسي وفي القاهرة الكبيرة التي تعج  بكل شئ أخذتنا مشاغلنا وحياتنا لكن بقي الإحترام وبقيت المودة وبقيت الذكريات.. وقبل يومين رحل الدكتور عبدالخبير عطا.. تاركا تاريخا مجيدا في التدريس الجامعي.. وسيرة عطرة حتي كان خبر رحيله صادما لمئات من تلاميذه تجمعوا حول الخبر المؤلم..

وداعا عبدالخبير عطا.. الخبير والباحث والوطني الزاهد المخلص لقضايا أمته وشعبه!

الجريدة الرسمية