زينب وسعيد ومحمد.. قصص تدمى القلوب فى حادث معدية المنوفية
مع بزوغ الفجر ينطلقون في طوابير ينتظرون المعدية من أجل لقمة العيش، عيونهم لم تشبع نومًا تري فيها أحزانا تنبىء عن أرواح أنهكها طول المسير، لا يدرى أحدهم هل سيعود حيا أم انه قد آن أوان الرحيل.
بمجرد أن تبدأ الشمس فى نسج خيوط الضوء على الكون معلنة بدء يوم جديد، يستعد سعيد وزينب ومحمد للخروج من حيث يسكنون متوجهين نحو معدية تقلهم من عزبة التفتيش بمركز أشمون فى المنوفية للقطا بالجيزة.
الإثنين الماضى ربما هو اليوم الأسوأ فى تاريخ القرية المنكوبة التى بمجرد أن حل المساء وسرى فيها خبر غرق أبنائهم في مياه نهرًا طالما كان هو مصدرًا للحياة، لينقلب سكون ليل القرية الفقيرة وتتعالى أصوات الصراخ والنحيب.
بطل الحادث
كان الحادث على الضفة الأخرى من النهر ناحية القرية التابعة للجيزة الأمر أصاب أهالى القرية بمزيد من الصدمة والحزن لعدم تمكنهم من إنقاذ أبنائهم، لكن هناك كان محمد صبرى الذى لم يكمل عامه السادس عشر ليلعب دور البطولة.
كان محمد من الناجين فى بداية الحادث لكنه لم يظل ساكنًا أمام صرخات زملائه الذين باتوا على وشك الغرق ليقرر أن يعود للمياه وينقذهم دون التفكير فى العواقب دون النظر لأية حسابات أخرى.
تمكن ابن السادسة عشر عامًا من إنقاذ اثنين ممن كانوا على وشك الغرق لكنه فى المرة الثالثة أصبح ضمن المفقودين فى الحادث ليبيت ليلته فى قاع البحر رفقة زملائه، قبل أن يتم استخراج جثمانه فى صباح الثلاثاء ليتم دفنه وسط حالة من الحزن الشديد.
العائل الوحيد
لم يكن الوضع أقل حزنًا على رحيل زينب عبد المؤمن إحدى ضحايا حادث المعدية، حيث كانت العائل الوحيد لأسرتها بعد أن قررت ترك التعليم من المرحلة الإعدادية لتستطيع الإنفاق على شقيقاتها وتوفير بعض الدخل لأسرتها.
زينب ابنة السابعة عشر من عمرها دفعها ضيق حال أسرتها للعمل كى تتمكن من توفير متطلبات زواجها الذى كان مقررًا أن يكون فى عيد الفطر القادم، قبل أن يكتب لها القدر الوفاة فى حادث الإثنين الماضى.
والدة زينب كشفت أنها كانت تشعر بفراق نجلتها صباح يوم الحادث وطلبت منها عدم الذهاب إلى حيث تعمل فى مزرعة جمع البيض، لكنها ربما فكرت فى أن عدم ذهابها سيفقدها 50 جنيها ستتحصل عليهم نظير العمل فى ذلك اليوم.
عادت الأم لتجد نجلتها ذهبت للعمل لتتحرك مسرعة نحو المعدية لكنها لم تتمكن من اللحاق بها لتعود الى منزلها مستسلمة للقدر منتظرة أن تعود نجلتها ويتحول شعورها مع مرور الوقت لمجرد سراب.
تحقق ما كانت تشعر به والدة زينب وباتت نجلتها من المفقودين فى الحادث قبل أن يتم انتشالها فى اليوم التالى من المياه ودفنها.
انتظروا ولادته 14 عاما
لم تكن زينب هى الضحية الوحيدة لأسرتها فى الحادث بل كان سعيد الطنانى نجل خالتها أحد الضحايا وتم استخراجهما سويًا فى صباح اليوم التالى للحادث وشيعا فى جنازة واحدة لمثواهما الأخير.
سعيد ابن الثالثة عشر من عمره كان الإبن الوحيد لأسرته التى انتظرت ولادته 14 عاما كاملة، قبل أن يقرر العمل لتوفير متطلبات زواج شقيقته التى رفض أن تخرج للعمل فى وجوده ليصبح أحد ضحايا الحادث الأليم.