تونس بعد الثورة | ذكرى رحيل زين العابدين بن على.. مطالب لم تتحقق ومطامع الإخوان
يمر اليوم الذكرى الـ11 للثورة التونسية المفجر الرئيس لثورات الربيع العربي والتي اندلعت للمطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والتي ما زالت ترزح تحت أهدافها الأساسية بعيدة المنال.
الثورة التونسية
واندلعت الثورة التونسية كأول ثورات الربيع العربي تضامنًا مع الشاب محمد البوعزيزي الذي أضرم النار في جسده احتجاجًا على وضعه المعيشي السيئ.
وقد أدت هذه الثورة إلى إسقاط نظام الرئيس زين العابدين بن علي وإقامة نظام تعددي ديمقراطي لم يفلح حتى الآن في تحسين مستوى المعيشة ومحاربة البطالة في تونس بعدما تكالبت عناصر الإخوان في تونس عليه وفرضت نفسها على المشهد السياسي التونسي ولا تزال.
محمد البوعزيزي مفجر الثورة
البداية كانت الجمعة 17 ديسمبر من عام 2010 عندما قام شاب تونسي يُدعى محمد البوعزيزي وهو من العاطلين عن العمل بإضرام النار في نفسه احتجاجًا على مصادرة السلطات البلدية في مدينة سيدي بو زيد لعربة يبيع عليها الفاكهة والخضار.
أدى ذلك إلى اندلاع مواجهات بين مئات من الشبان في منطقة سيدي بوزيد وولاية القصرين مع قوات الأمن السبت 18 ديسمبر 2010 خلال مظاهرة للتضامن مع البوعزيزي والاحتجاج على ارتفاع نسبة البطالة والتهميش والإقصاء في هذه الولاية الداخلية، وانتهت الاحتجاجات باعتقال عشرات الشبان وتحطيم بعض المنشآت العامة.
وتوسعت دائرة الاحتجاجات بولاية سيدي بوزيد لتنتقل الحركة الاحتجاجية من مركز الولاية إلى البلدات والمدن المجاورة كالمكناسي والرقاب وسيدي علي بن عون ومنزل بوزيانو القصرين وفريانة، حيث خرج السكان في مسيرات حاشدة للمطالبة بالعمل وحقوق المواطنة والمساواة في الفرص والتنمية، وقد تطورت الأحداث بشكل متسارع وارتقت الاحتجاجات لتأخذ طابع سياسي ومطالبة الشعب بتنحي الرئيس بن علي من منصبه وبالحريات ومحاسبة العابثين بالأموال العامة والتحقيق بقضايا الفساد.
تسلسل الأحداث
في 17 ديسمبر 2010 أضرم الشاب التونسي محمد البوعزيزي النار في نفسه.
في ليلة 18/19 ديسمبر 2010 نشبت مواجهات بين مئات الشبان في منطقة سيدي بوزيد وقوات الأمن وخروج مسيرة حاشدة من شباب وأهالي معتمدية منزل بوزيان بداية من يوم 18 ديسمبر 2010 ومصادمات ليلية مع التعزيز الأمني الذي قدم مساء إلى الجهة. وكانت المظاهرات والاحتجاجات بالولاية ومنزل بوزيان في البداية للتضامن مع محمد البوعزيزي والاحتجاج على ارتفاع نسب البطالة والتهميش والإقصاء في هذه الولاية الداخلية وكان أهالي منزل بوزيان ينادون مع جملة الأسباب المذكورة منادين بإسقاط النظام ومحاسبة الطرابلسية ويسقط التجمع.وانتهت الاحتجاجات باعتقال عشرات الشبان وتحطيم بعض المنشآت العامة في الولاية
21 ديسمبر
توسع دائرة الاحتجاجات بولاية سيدي بوزيد يوم 21 ديسمبر لتنتقل الحركة الاحتجاجية من مركز الولاية إلى البلدات والمدن المجاورة كالمكناسي والرقاب وسيدي علي بن عون ومنزل بوزيان حيث خرج السكان في مسيرات حاشدة للمطالبة بالعمل وحقوق المواطنة والمساواة في الفرص والتنمية.
24 ديسمبر 2010 حدث تطور خطير للأحداث بولاية سيدي بوزيد حيث اتخذت الاحتجاجات السلمية شكل انتفاضة شعبية شملت جميع مدن المحافظة، وقامت قوات الأمن بإطلاق الرصاص الحي في مدينة منزل بوزيان مما أسفر عن مقتل الشاب محمد العماري وهو أيضا من حاملي الشهادات العليا العاطلين عن العمل وجرح عدد آخر من المتظاهرين، كما عمدت قوات الأمن إلى اعتقال عدد كبير منهم.
25 ديسمبر 2010 تجمع المئات من النقابيين والحقوقيين في ساحة محمد علي في تونس العاصمة للتعبير عن تضامنهم مع أهالي سيدي بوزيد وللاحتجاج على قمع المسيرات الشعبية والاعتقالات واستعمال قوات الأمن للرصاص الحي ضد المحتجين.
27 ديسمبر 2010 انتقال الحركات الاحتجاجية إلى مدن ومحافظات تونسية أخرى في تصعيد خطير للأحداث حيث رفع المتظاهرون في مدن تونس وصفاقس والقيروان والقصرين وتالة ومدنين وقفصة شعارات مساندة لأهالي سيدي بوزيد ومنددة بتدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وارتفاع البطالة في عدد المدن التونسية والمطالبة بتنمية عادلة. في حين واصلت وسائل الإعلام المحلية والرسمية تجاهل هذه التحركات الاجتماعية التي أخذت تتوسع شيئًا فشيئًا.
فيما جاء أول رد رسمي من الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في 28 ديسمبر 2010 في خطاب متلفز بثته القناة الرسمية تونس 7، دان فيه " أعمال الشغب" وقال إنها تضر بصورة تونس لدى المستثمرين وتعهد بتطبيق القانون "بكل حزم" ضد "المأجورين والمتطرفين".
وفي 30 ديسمبر 2010 أجرى الرئيس التونسي الراحل بن علي تعديلًا وزاريًّا محدودًا حيث عين سمير العبيدي وزيرًا جديدًا للاتصال ووزير جديد للشباب والرياضة ووزير جديد للشؤون الدينية؛ وفي نفس اليوم أعلن الزعيم الراحل معمر القذافي رفع القيود الإدارية المفروضة على التونسيين الراغبين في السفر والعمل في ليبيا مع أمر مشدد بمعاملتهم كمواطنين ليبيين.
الشرطة تستخدم الرصاص المطاطي وقنابل الغاز
فيما لم تثنِ هذه التحركات الثوار في تونس عن عملهم حتى يوم 3 يناير 2011 والذي شهد مواجهات عنيفة في مدينة تالة بين محتجين وقوات الأمن استخدمت فيها الشرطة القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي ما أسفر عن سقوط عدد كبير من الجرحى ومقتل ثلاثة اشخاص في مدينة رأس الجبل بولاية بنزرت.
و في 5 يناير 2011 توفي محمد البوعزيزي الشاب الذي أوقد النار في نفسه وكان السبب في الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها تونس متأثرا بجراحه بعد 18 يوما من محاولته الانتحار أمام مقر ولاية سيدي بوزيد.
وفي هذه اللحظة انفجر الموقف في تونس حيث خرجت المظاهرات في تالة عن سيطرة قوات الأمن بعد إحراق المتظاهرين لمقر الحزب الحاكم ومبنى للشرطة، وقوات الأمن تستنفر كل إمكانياتها الأمنية لقمع المتظاهرين.
وفي محاولة للسيطرة على الموقف اعتقلت السلطات التونسية يوم 6 يناير 2011 مدونين ومغني راب تونسي على خلفية تعرضهم للنظام التونسي على صفحات الإنترنت والمحامون ينظمون اعتصاما في أروقة المحاكم احتجاجا على الاضطهاد الأمني.
بينما لقى 6 أشخاص مصرعهم يوم 8 يناير 2011 في مدينة تالة وشخصين في القصرين في مظاهرات عنيفة عمت منطقة الوسط الغربي للبلاد.
وفي 9 يناير 2011 وصلت المظاهرات الى العاصمة التونسية تونس واتسمت بتصاعد العنف خلال الاحتجاجات التي رفعت لأول مرة شعارات ضد الحكومة التونسية.
إضراب المحامين
واستعملت قوات الأمن الرصاص الحي ضد المحتجين؛ ما تسبب في إضراب 95% من المحامين وسقط أكثر من 35 قتيلا في مدينتي القصرين وتالة والرقاب حسب مصادر نقابية.
وبعد تصاعد الأعمال العنيفة خرج الرئيس التونسي الراحل زيد العابدين بن علي في خطاب جديد لمحاولة تهدئة الجموع الغاضبة في 10 يناير 2011 ووعود بخلق 300 ألف فرصة عمل جديدة لاحتواء نسب البطالة المرتفعة لدى حاملي الشهادات؛ فيما رفضت شريحة واسعة من المواطنين خطاب بن علي؛ بالتزامن مع تعليق الدراسة في المدارس والجامعات إلى أجل غير مسمى.
فيما حدثت مظاهرة في وسط تونس العاصمة في ما يسمى بساحة البساج؛ واعتبرت أول مظاهرة في الثورة داخل العاصمة التونسية وحضر المظاهرة بين 100 و200 شخص وقامت قوات الأمن بفضها.
لتتسارع بعد ذلك الأحداث يوم 11 يناير 2011 حيث انتشرت المظاهرات في كامل العاصمة التونسية وبلغت الأحياء الشعبية التي تعاني الفقر وسوء التجهيزات كحي الانطلاقة والتضامن وباب الجديد والزهروني ووادي الليل والكرم وحي الزهور والكبارية والسيجومي وباب الجزيرة وقصر السعيد وحلق الوادي مما أدى إلى حرق أغلب نقاط مراكز الشرطة في هذه الجهات من العاصمة وحرق بعض مقرات الحزب الحاكم وسقوط 35 قتيلا في مدن الوسط والشمال الغربي خلال يومين.
بالتزامن مع تنظيم مظاهرة أمام المسرح البلدي في العاصمة تونس للفنانين التونسيين.
12 يناير 2011 عزل الرئيس الراحل بن علي وزير الداخلية التونسية وعين آخر فيما انتشرت وحدات الجيش التونسي في العاصمة تونس وتم فرض حظر التجول الليلي في البلاد.
ثم ألقى الرئيس الراحل بن علي خطابه الثالث للشعب التونسي يوم 13 يناير 2011 الذي قدم فيه تنازلات كثيرة؛ غير أن المظاهرات في تونس تصاعدت بداخلها وتيرة العنف ووصل المتظاهرون إلى مبان حكومية ومراكز حساسة.
14 يناير المظاهرة الكبرى
وفي 14 يناير 2011 شهدت تونس المظاهرة الكبرى في شارع الحبيب بورقيبة ضمت أبناء العاصمة وضواحيها وبالتوازي كانت هناك مظاهرات في مدن أخرى.
ولكن مظاهرة العاصمة كان لها الفضل الأكبر في رحيل بن علي عن تونس عندما هدد المتظاهرين بالذهاب إلى قصر قرطاج الذي يقع بالضاحية الشمالية بالعاصمة.
ومر اليوم على تونس الخضراء 5 رؤساء و13 حكومة في احداث مضطرة خاصة بعدما أعلن الرئيس قيس سعيد حملة تطهير شاملة ضد جماعة الإخوان في تونس وذراعها السياسي حركة النهضة والتي لفظها الشعب في انتفاضة هائلة غير أن عناصر الحركة تسعى لفرض نفسها على الشارع التونسي متسببة في حالة من الفراغ الدستوري في البلاد عقب المطالبات بتدشين تظاهرات للخروج على الرئيس الشرعي لتونسي قيس سعيد.