ماذا يريد وزير العدل من التأمينات (2)
عودٌ على ما بدأناه وأشرنا فيما سبق إليه، حول إشكاليات الغموضٌ أحاط بالقانون 160 لسنة 2018، ونص القانون ٢٨ لسنة ٢٠١٨ الصادر بإضافة مادتين للقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٨٧ بشأن تحديد رواتب الوزراء، أدت إلى تدخل المشرع بنصوص خاصة لشاغلي المناصب الكبرى، ومن هنا كان لا بد من إظهار الحقيقة من خلال تطبيقات عملية تضمن توحيد المفاهيم..
وكان الطلب الأصلي للمستشار عادل عبد الحميد، وزير العدل الأسبق يتضمن إعادة تسوية معاشه ليكون بنسبة 80% من الراتب المقرر للوزير وقدره 42000 جنيها شهريا، اعتبارًا من 24 إبريل 2018 وفقا للمادة الرابعة المضافة بمقتضى نص المادة الثالثة من القانون رقم 28 لسنة 2018، مع الجمع بين هذا المعاش والمعاش المستحق له عن مدة خدمته السابقة كرئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى.
المشرع حدد الكيفية التي يتم اتباعها في تسوية معاش شاغل المنصب عند صدور القانون رقم 28 لسنة 2018، وهي أنه ربط بين المرتب أو المكافأة التي يحصل عليها شاغل المنصب بالفعل، وبين المعاش الذي سيستحق له عند تركه للمنصب، فجعل إستحقاق المعاش المقرر بالقانون المذكور مقصور فقط على من يشغل المنصب اعتبارًا من 24 إبريل 2018 ويتقاضى المرتب أو المكافأة التي لا تتجاوز الحد الأقصى للأجور المنصوص عليها بهذا القانون، فكل من يحصل بالفعل على هذا المرتب أو تلك المكافأة سيسوى معاشه بنسبة 80% من قيمة هذا المرتب أو تلك المكافأة.
وزير العدل
وأما من تمت تسوية معاشه قبل صدور القانون 28 لسنة 2018 فإنه لن يستفيد من المعاش المقرر بهذا القانون، لأنه لم يتقاضى المرتب أو المكافأة التي نص عليها القانون المذكور أصلا حتى يسوى معاشه بنسبة مئوية من هذا المرتب أو تلك المكافأة.. والتأمينات قامت بتسوية الحالة التأمينية والمعاشية للمستشار عادل عبد الحميد عن مدة شغله لمنصب وزير العدل بعد إنتهاء مدة شغله لهذا المنصب في 28 فبراير 2014 وفقا لنص المادة (٣١) من قانون التأمين الاجتماعي رقم ٧٩ لسنة ١٩٧٥ قبل استبدالها بالقانون ١٦٠ لسنة ٢٠١٨ باعتبار أنه كان من المخاطبين بأحكام هذا القانون وقت انتهاء شغله للمنصب فى ظله.
وانتهت فترة شغل المدعي منصبه الوزاري قبل 24 إبريل 2018، فإنه فضلا عن إلغاء المادة الرابعة مكرر السابق إضافتها للقانون 100 لسنة 1987 بموجب المادة الثالثة من القانون 28 لسنة 2018، بأثر رجعي اعتبارًا من 24 إبريل 2018 بمقتضى نص المادة الثالثة من القانون ١٦٠ لسنة ٢٠١٨ على نحو ما ورد بنص المادة الخامسة من القانون الأخير، والتي يستند إليها وزير العدل الأسبق في طلبه الأصلي، وتم محو كل أثر لنص المادة الرابعة مكررًا من تاريخ العمل بها.
الطلب الاحتياطي
وعليه فإن مسلك الهيئة القومية للتأمين الإجتماعي المدعى عليها برفض طلب الوزير الأسبق بإعادة تسوية معاشه وفقا للقانون رقم 28 لسنة 2018 متفقا وصحيح حكم القانون، ويكون طلبه قائمًا على غير سند صحيح من الواقع والقانون، وبشأن الطلب الاحتياطي لوزير العدل الأسبق بإعادة تسوية معاشه كوزير بواقع جزء من عشرة أجزاء من أجر التسوية عن كل سنة خدمة قضيت في المنصب، اعتبارًا من 24 إبريل 2018 وفقا لنص المادة (31) من القانون 79 لسنة 1975 بعد استبدالها بمقتضى نص المادة الثانية من القانون رقم 160 لسنة 2018.
قالت المحكمة إن المدعي انتهت مدة شغله للمنصب الوزاري قبل 24 إبريل 2018، وقد شيد طلبه الإحتياطي على نص المادة (31) من القانون 79 لسنة 1975 بعد استبدالها بمقتضى نص المادة الثانية من القانون 160 لسنة 2018، وكان المشرع قد نص في المادة الخامسة من هذا القانون على أن يعمل بأحكام المادة الثانية التي تضمنت استبدال نص المادة (31) علي النحو سالف البيان اعتبارًا من 24 إبريل 2018 وقد انصرفت إرادة المشرع إلي تطبيق أحكام هذه المادة على من يشغل المنصب في هذا التاريخ دون ارتداد أحكامه بأثر رجعى إلي ما قبل ذلك التاريخ.
منطوق الحكم
وأكد المشرع هذا الاتجاه بمقتضي أحكام القانون 148 لسنة 2019 الذي ربط النسب المقررة لمعاشات المناصب الواردة فيه بما كانوا يتقاضونه بالفعل من المكافآت أو المرتبات التي كانوا يتقاضونها آنذاك دون ارتداد لأثر رجعي في شأن تطبيق أحكامه، ومن ثم لا يعد الوزير الأسبق من المخاطبين بأحكام المادة (31) بعد استبدالها بأحكام القانون 160 لسنة 2018، ولا يستفيد من المعاش المقرر به، باعتبار أن القانون الواجب العمل به فى شأن المعاملة المعاشية هو القانون المعمول به في تاريخ إنتهاء شغل المنصب، والأمر في هذا الشأن.
ومع صراحة النص، لا يفترض ولا يستنتج وإنما قاطع وصريح وواضح، فضلا عن أنه يعد من قبيل النصوص المالية التى يتعين تفسيرها تفسيرًا ضيقا بحيث لا يقاس عليها أو يتوسع في تفسيرها، وهو ما يحتم القول بعدم أحقية من سبق له شغل تلك المناصب وانتهت فترة شغله لها قبل العمل بنص المادة (31) من القانون 79 لسنة 1975 بعد استبدالها بالقانون رقم١٦٠ لسنة ٢٠١٨، فى إعادة تسوية معاشه وفقا لأحكام هذا القانون، ويكون مسلك التأمينات برفض طلبه مسلكًا سائغًا لقيامه علي السبب المبرر له قانونًا، ولهذه الأسباب قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلًا ورفضها موضوعًا.. وللحديث بقية