عاطف فاروق يكتب: تفاصيل تسهيل الاستيلاء على 495 فدانا قيمتها تتجاوز الـ 1500 مليون جنيه
رصد حكم قضائي مهم صادر عن مجلس الدولة في القضية رقم ٨٩ لسنة ٦٣ قضائية عليا، تفاصيل قصة تسهيل الاستيلاء على 495 فدانا بالإسكندرية تقدر قيمتها بأكثر من 1500 مليون جنيه، عوقب على إثرها 4 مسئولين من قيادات الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بعقوبات مشددة بعد ثبوت سقوطهم في درك سحيق من الجرم كان كفيلًا بمعاقبتهم عنه جنائيًا.
وكانت النيابة العامة أجرت تحقيقًا في القضية رقم ٥٤٦ لسنة ٢٠١٩ تضمن أن الواقعة تخلص فيما ورد بتحريات الرقابة الإدارية وما جاء بأقوال مجريها عمرو على عرفة، من ورود معلومات مفادها قيام وكيل ورثة جبريل مازن جبريل بإستخدام محررات مصطنعة منسوب صدورها للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية وتقديمها لمديرية الضرائب العقارية بالإسكندرية وجهات أخرى بالدولة بقصد الاستيلاء على قطعة أرض مملوكة للهيئة مساحتها ٤٩٥ فدانا بمنطقة كرم خضر ببرج العرب بالإسكندرية تقدر قيمتها بأكثر من 1500 مليون جنيه، بالتواطؤ مع رئيس قطاع دراسات المشروعات الزراعية والملكية وآخرين من قيادات الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية.
تحريات الرقابة الإدارية أكدت قيام محمود حسن محمود، محامي حر بالإشتراك والتواطؤ مع هشام أحمد، رئيس قطاع دراسات المشروعات الزراعية والملكية بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية وسعيد أبو سريع ومحمد محمود طلبة والمنجي عبد الغنى الباز من العاملين بذات الجهة حيث قام كلًا منهم بالتوقيع على عدة محررات تفيد ملكية ورثة جبريل مازن جبريل لتلك القطعة على خلاف الحقيقة.
أوراق القضية
وكشفت أوراق القضية أن محمد محمود طلبة، رئيس الإدارة المركزية للملكية بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية وسعيد أبو سريع علي، كبير أخصائيين وعضو المكتب الفني للأول وقعا على خطاب منسوب صدوره للهيئة جهة عملهما صادر إلى منطقة الإسكندرية للضرائب العقارية لربط الضريبة على مساحة 106 أفدنة، والمتضمن بيانات تخالف الحقيقة مما كان من شأنه ربط الضريبة على تلك المساحة.
وقام هشام أحمد كمال، رئيس قطاع المشروعات الزراعية والملكية بالهيئة بالتوقيع على خطابات منسوب صدورها للهيئة جهة عمله، والصادرة الى مديرية الزراعة بالإسكندرية لاستخراج بطاقة حيازة لورثة جبريل مازن جبريل موجهة إلى مدير عام الضرائب العقارية ومراقب عام التعاونيات بالاسكندرية لإجراء معاينة لإصدار بطاقة خدمات زراعية لصرف مستلزمات الإنتاج وربط الضريبة على مساحة 106 أفدنة لصالح ورثة جبريل مازن جبريل متضمنة بيانات مخالفة للحقيقة.
ووقع المنجي عبد الغني الباز، مدير عام الإدارة المركزية للملكية والتصرف بالهيئة على خطاب منسوب صدوره للهيئة العامة للتعمير والتنمية الزراعية جهة عمله إلى مراقب عام التعاونيات بالأسكندرية لاستخراج بطاقة صرف مستلزمات انتاج لمساحة 389 فدانا لورثة جبريل مازن جبريل تضمنت بيانات تخالف الحقيقة.
النيابة العامة
النيابة العامة إتصلت بالتحقيق في القضية والتي خلصت وقائعها فيما أبلغت به هيئة الرقابة الإدارية وما ثَبُت من تحرياتها وما جاء بأقوال مُجريها عمرو علي عرفة عضو الرقابة الإدارية بالإسكندرية من ورود معلومات إليه مفادها قيام محمود حسن محمود "محام حر" بصفته وكيلًا عن ورثة جبريل مازن جبريل باستخدام محررات مصطنعة منسوب صدورها إلى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية وتقديمها الي مديرية الضرائب العقارية بالإسكندرية وجهات أخرى بقصد الاستيلاء علي قطعة أرض مملوكة للدولة مساحتها 495 فدانا ببرج العرب بالاسكندرية تقدر قيمتها بأكثر من 1.5مليار جنيه مصري، بالتواطؤ مع هشام فاضل رئيس قطاع دراسة المشروعات الزراعية والملكية وأخرين من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية.
وتبين للنيابة العامة أن كميل عوض عبد الملك محكوم عليه بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات لاتهامه بالتزوير واستعمال محررات مزورة، وانتهت إلى ضلوع المتهمين في ارتكاب الجريمة المؤثمة بمواد قانون العقوبات، لكونهم المختصين وظيفيًا بإصدار تلك الخطابات والتوقيع عليها، وهو ما أسفرت عنه التحقيقات من قيامهم بإصدار تلك الخطابات قاصدين تربيح المتهم محمود حسن عامر بربح ومنفعة، وفي سبيل ذلك قاموا بارتكاب تزوير في محررات رسمية عن طريق تضمين هذه الخطابات بيانات مخالفة للحقيقة.
وقد ارتأت النيابة العامة أنه ولئن كانت تلك الكتب قد شاب إصدارها مخالفات، إلا أنه لم يتم إعمال آثارها وتم إيقاف جميع الإجراءات التي أتخذت بناء عليها ولم يبلغ المتهمين مقصدهم لسبب لا دخل لهم به وإنما كان نتيجة لتدخل هيئة الرقابة الإدارية ووقف الإجراءات، وأن المتهمين يخضعون لقانون فيه من الإجراءات التأديبية ما يكفي لتحليهم بالسلوك القويم، ولذا انتهت النيابة العامة إلى أن تسلك درب الجزاء التأديبي وقامت بإرسال الاوراق الي النيابة الإدارية لاتخاذ إجراءات محاكمتهم تأديبيًا.
إلا أن التحقيقات قد أفصحت أن المتهمين ارتكبوا مخالفة الإهمال الجسيم في أدائهم لأعمال وظيفتهم فقاموا كل فيما يخصه بالتوقيع واعتماد كتب صادرة لجهات إدارية مختلفة بغرض تمكين ورثة جبريل مازن جبريل من مساحة 495 فدانا بالإسكندرية، دون أن يلتزموا بما تفرضه الحرص والتحوط والأمانة فى مباشرة أعمال وظائفهم، سيما وأن الإدارة التابعين لها هي إدراة ذات أهمية بمكان باعتبارها المختصة بتحديد ملكية الأفراد للأراضي التابعة للهيئة من عدمه.
فلا يكفى فى مثل هذه الحالات مجرد الاطلاع ثم الاعتماد، بل كان يتعين عليهم جميعا دراسة طلب الورثة المذكورين والمستندات المرفقة به دراسة وافية ودقيقة وعدم اعتمادها قبل التحقق يقينا من صحة البيانات والمستندات المقدمة منهم لما يرتب على ذلك من تثبيت ملكيتهم لهذه الأرض، وذلك نظرا لعظم المساحة المطالب بتثبيت ملكيتها وارتفاع قيمتها، ذلك أن صاحب الوظيفية القيادية يجب يسأل عن سوء ممارسته لمسئوليته الرئاسية خاصة الإشراف والمتابعة والتنسيق بين أعمال مرؤوسيه في حدود القوانين واللوائح والتعليمات بما يكفل سير المرفق الذي يخدمه، وألا يكون مجرد أداة لاعتماد ما يعرض عليه دون بحث أو فحص أو تدقيق، ودون الاطلاع على البيانات الضرورية للاعتماد.
منطوق الحكم
ومن ثم كان يتعين علي المحالين أن يتيقنوا من قيام مرؤوسيهم حال العرض عليهم من مراعاتهم للشروط الواجب توافرها في مثل هذه الحالات، واتفاق أعمالهم مع صحيح القانون واللوائح المنظمة لهذا الشأن نظرًا لأهمية ما يشغلوه من منصب وما كلفوا به من مهام آنذاك، غير أنه أهملوا فى القيام بواجبات وظيفتهم، ولم يراعوا الدقة والأمانة عند ممارستهم لهذه الواجبات، فخرجوا على مقتضى الواجب الوظيفى وخالفوا أحكام القانون واللوائح المنظمة لعملهم.
وقد كان من المحتم على المحالين تدارك هذا الخطأ وإلا وقعوا في درك سحيق من الجرم كان كفيلًا بمعاقبتهم عنه جنائيًا لتسهيلهم الاستيلاء على المال العام، ولهذه الأسباب قضت المحكمة بمجازاة المحال الاول محمد محمود طلبة بعقوبة اللوم، وبمجازاة المحالين سعيد أبو سريع على نصر وهشام أحمد كمال محمد والمنجي عبد الغني الباز البطراوي بغرامة تعادل عشرة أمثال الأجر الوظيفى الذي كان يتقاضاه كل منهم في الشهر عند انتهاء الخدمة لما أسند إليهم وثبت في حقهم.