بعد تصريحات شيخ الأزهر والبابا تواضروس.. لماذا ترفض المؤسسات الدينية المصرية الدعوة للديانة الإبراهيمية؟
فتح حديث البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، مؤخرًا عن فكرة "الدين الإبراهيمي" الباب من جديد حول الدعوة التي رفضتها المؤسسات الدينية المصرية سواء الأزهر الشريف أو الكنيسة المصرية.
وأكد البابا تواضروس على أن فكرة "الديانة الإبراهيمية" مرفوضة تماما، ولا يصح استخدامها، وغير مقبولة شكلا أو موضوعا.
وتصريحات البابا تواضروس الثاني عن "الديانة الإبراهيمية" أعادت للأذهان تصريحات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف والتى هاجم فيها فكرة الديانة الجديدة وأكد على رفض مشيخة الأزهر لمحاولة إحياء تلك الدعوات من جديد.
ما هي الديانة الإبراهيمية؟
هي مشروع بدأ الحديث عنه منذ فترة، أساسه العامل المشترك بين الأديان الثلاثة، الإسلام والمسيحية واليهودية، باعتبارها ديانات إبراهيمية، نسبة إلى النبي إبراهيم عليه السلام.
والهدف المعلن للمشروع هو “التركيز على المشترك بين الديانات والتغاضي عن ما يمكن أن يسبب نزاعات وقتالًا بين الشعوب”.
وانطلق تداول مصطلح “الإبراهيمية” والجدل حوله مع توقيع عدد من الدول العربية اتفاق تطبيع مع إسرائيل، وكان الاتفاق -الذي رعته الولايات المتحدة ورئيسها حينها دونالد ترامب ومستشاره جاريد كوشنير- يسمى “الاتفاق الإبراهيمي”.
وفي نص إعلان الاتفاق المنشور على صفحة وزارة الخارجية الأمريكية، ورد ما يلي “نحن نشجع جهود دعم الحوار بين الثقافات والأديان للدفع بثقافة سلام بين الديانات الإبراهيمية الثلاث والإنسانية جمعاء”.
موقف شيخ الأزهر من الديانة الإبراهيمية
ومن جانبه هاجم فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف دعوات المناداة بـ "الإبراهيمية"، مبينًا أنها في حقيقة الأمر دعوة إلى مصادرة حرية الاعتقاد وحرية الإيمان وحرية الاختيار.
وجاء ذلك خلال كلمة للطيب اليوم الإثنين بمناسبة الاحتفال بمرور 10 أعوام على إنشاء بيت العائلة المصري.
وقال الطيب "هناك أمر بحاجة إلى شيء من التوضيح هو محاولة الخلط بين تآخي الإسلام والمسيحية في الدفاع عن حق المواطن المصري في أن يعيش في أمن وسلام واستقرار، وبين امتزاج هذين الدينين، وذوبان الفروق والقسمات الخاصة بكل منهما، خاصة في ظل التوجهات التي تنادي بالإبراهيمية أو الدين الإبراهيمي نسبة إلى إبراهيم عليه السلام أبي الأنبياء".
وأضاف "ما تطمح إليه هذه التوجهات فيما يبدو من مزج اليهودية والمسيحية والإسلام في رسالة واحدة أو دين واحد يجتمع عليه الناس ويخلصهم من بوائق النزاعات والصراعات التي تؤدي إلى إزهاق الأرواح وإراقة الدماء والحروب المسلحة بين الناس بل بين أبناء الدين الواحد والمؤمنين بعقيدة واحدة".
ولفت إلى أن هذا التوجه أو هذه الدعوة مثلها مثل دعوة العولمة ونهاية التاريخ والأخلاق العالمية وغيرها، هذه الدعاوى وإن كانت تبدو في ظاهرها وكأنها دعوى إلى الاجتماع الإنساني وتوحيده والقضاء على أسباب نزاعاته وصراعاته إلا أنها هي نفسها وفي حقيقة الأمر دعوة إلى مصادرة أغلى ما يمتلكه الإنسان وهو حرية الاعتقاد وحرية الإيمان وحرية الاختيار، وكل ذلك مما ضمنته الأديان، وأكدت عليه في نصوص صريحة واضحة.
أضغاث أحلام
وتابع: “ثم هي دعوة فيها من أضغاث الأحلام أضعاف ما فيها من الإدراك الصحيح لحقائق الأمور وطبائعها، ونحن لم نر حتى هذه اللحظة هذا الوليد الإبراهيمي الجديد ولا نعرف شيئًا عن ملامحه وقسماته، وهل المقصود منه تعاون المؤمنين بالأديان على ما بينها من مشتركات وقيم إنسانية نبيلة؟ أو المقصود صناعة دين جديد لا لون له ولا طعم ولا رائحة؟”.
واستطرد: “مهما يكن من أمر هذه الإبراهيمية فإننا ومن منطلق إيماننا برسالاتنا السماوية نؤمن بأن اجتماع الخلق على دين واحد أيًا ما كان هذا الدين أمر مستحيل في العادة التي فطر الله الناس عليها”.
وقال الطيب “ما نريد أن نخلص إليه من هذه الكلمات الموجزة هو أن انفتاح الأزهر على كنائس مصر وكذلك انفتاح الكنائس المصرية على الأزهر ليس كما يصوره البعض محاولة لإذابة الفوارق بين العقائد والملل والأديان”.
وأضاف “واضح أن هذا البعض صعب عليه إدراك الفرق بين احترام عقيدة الآخر وبين الإيمان بها، وأن احترام عقيدة الآخر شيء والاعتراف بها شيء آخر مختلف تمام الاختلاف”.
وأشار إلى أن “انفتاح الأزهر على المؤسسات الدينية داخل مصر وخارجها هو انفتاح من أجل البحث عن المشتركات الإنسانية بين الأديان السماوية والتعلق بها في انتشال الإنسانية من أزمتها المعاصرة وتحريرها مما حاق بها من ظلم القادرين وبغي الأقوياء وغطرسة المتسلطين على الضعفاء”.
البابا تواضروس يهاجم الديانة الإبراهيمية
بدوره قال البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، إن فكرة "الدين الإبراهيمي" مرفوضة تماما، ولا يصح استخدامها، وغير مقبولة شكلا أو موضوعا.
وأوضح في تصريحات تليفزيونية له أن "هناك أفكارا سبقت فكرة الدين الإبراهيمي، وأن الأديان كالألوان لا يمكن تغييرها أو استبدالها عن طريق التجديد أو إدخال معلومات غير حقيقة على ثوابت هذا الدين".
وأضاف أنه "لا يجوز زعزعة ثوابت الدين من خلال الأديان التي تنشأ، وأن ما يطلق على الدين الإبراهيمي هو يستخدم نقيض الأديان السماوية الثلاثة".
وتابع، أن "فكرة الدين الإبراهيمي قدمت في المجتمع الشرقي، وهي تفكير سياسي وليس ديني"، مشيرا إلى أن الهدف الرئيسي من هذا الفكر هو "هدم ثوابت الدين سواء كانت الديانة الإسلامية أو المسيحية أو اليهودية".
كذلك تطرق البابا تواضروس الثاني، إلى قرار إيقاف رحلات زيارة الأقباط للقدس، مؤكدا أن هذه الخطوة تتسبب في إضعاف التواجد القبطي هناك.
وأوضح أن زيارات الأقباط للقدس كانت تشجعهم على بعض الصناعات اليدوية، لافتا إلى أنه "لم يعد هناك مبرر الآن لمنع زيارة الأقباط للقدس".
واستكمل، أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أشار إلى عدم زيارة الأقباط إلى القدس، واصفا إياها بـ"العقاب" حيث هبطت الصناعات اليدوية بشكل كبير منذ منعهم دخول القدس.