رئيس التحرير
عصام كامل

دور المعلم في البحث والمعرفة

علي الرغم من مرور أكثر من عقدين من الزمن إلا أنني مازلت أتذكر تلك النظرة المليئة بالترقب والخوف في أعين معلم الرياضيات في الوقت الذي يتصفح فيها موجة المادة كشكول التحضير، ظني أنه يقوم بواجب روتيني فرضته عليه وظيفته، وظن المعلم أنه يتصيد له الأخطاء. ما أن تمر الدقائق الثقيلة على قلب المعلم حتى يوقع الموجة بكلمة نظر، لتلمع أعين المعلم وتتغير ملامح وجهه منتشيا بالنصر - الذي يلاحظه كل من في الصف بما فيهم موجة المادة- ويرتفع صوته بكل ثقة مكملًا شرح الدرس. 


إلا أن نهاية القصة لن تكن تلك النهاية السعيدة التي يتوقعها أو يأملها المعلم، فموجه المادة يدرك جيدًا كيف يرد الصاع صاعين أو الانتشاء مكيالين. يتوقف أمام السبورة ليتناول الطباشير من يد المعلم موجهًا سؤاله لنا متسائلًا من يستطيع حل هذه المسألة، التي بالطبع لن يستطيع أحد منا حلها حتي معلم المادة، أو لأكون أكثر إنصافًا تحتاج منه بعض الوقت لفك طلاسمها. 

تطوير العملية التعليمية


أتذكر جيدًا نظرة الصقر وهيبة الأسد التي فرضت نفسها على الموجة وهو يغادر الصف محدثًا المعلم بأن عليه أن يهتم أكثر بالتحضير للدرس وشرحه. 
حقيقة الأمر إذا كنا نسعى لإعادة هيكلة المؤسسات التعليمية وتحسين جودة مخرجاتها والجدارات المكتسبة في ظل التطور المعرفي والتكنولوجي الهائل ومتطلبات سوق العمل والمعيقات التي ترمي بظلالها على العملية التعليمية ككل مثل جائحة كورونا، فعلينا أن نتخلص من ثقافة "نظر" التي ولي عليها الزمن. 


علينا أن نعي أن المعلم لا يقتصر دوره على التلقين والحفظ والاستظهار، ولكن عليه أن يلعب دورا ً أساسيا ً محوريا ً في البحث عن المعرفة واكتسابها ونقلها، عليه تحسين طرق التدريس وتطوير مهارات إدارة الصف ومراعاة الفروق الفردية بين الطلاب، وأن يعي أن العملية التعليمية هي تفاعل متبادل بين المعلم والمتعلم، ويفترض أن تؤدي إلى تغيير إيجابي في سلوك الطالب، فكل ما يجري في الصف من عمل ونشاط وتفاعل وتنظيم للتعليم والتعلم، هدفه تيسير عملية التعلم وبناء شخصية المتعلم.


لا يستقيم تحسين جودة المخرجات التعليمية التي تهدف بالأساس إلى تغيير سلوك المتعلم وبناء شخصيته إلا بتحسين وضع المعلم المادي والمهني وإشراكه في عمليات التخطيط والتطوير والتنفيذ والتقويم، وإتاحة الفرص لرفع كفاءته المهنية. وهو ما يخلق منه شريكًا أساسيا لديه متسع من الحرية لاختيار الاستراتيجيات التعليمية التي تناسب طلابه وموضوع التدريس والأهداف المنشودة منه، إضافة إلى تحديده المكان المناسب وتوظيفه للموارد والمصادر التعليمية اللازمة وذات العلاقة.

وبالحديث عن المكان المناسب، فإن نجاح العملية التعليمية يرتبط ارتباطا وثيقا مع البيئة التعليمية المادية التي يحدث فيها التعليم من صفوف ومعامل ومكتبات وحاسبات ومرافق لممارسة الأنشطة تزامنا مع الكثافة العددية للطلاب بالصفوف، وجنبا إلى جنب مع المناهج الدراسية والمعلمين.

الجريدة الرسمية