كيف يجهل الإسلاميون حكمة الله في اختلاف العقائد على الأرض
تجتهد كل التيارات الدينية لإبعاد غير المسلمين عن الجنة، يحتكرون الحديث باسم الله، ويخصصون للمختلف عنهم مساحات كبرى من فتاويهم، لدرجة أنهم يحرمون مجرد تهنئتهم بأعيادهم، فلا يتصور الإسلامي أي كائن على الأرض غيره، لايدين بما يدين به، ويعترف أن دونه النقصان، لكن هل هذه هي مشيئة الله وإرادته في الأرض؟
رؤية الله للحياة الدنيا
يقول ثروت الخرباوي، الكاتب والمفكر: كلام الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم يتحدث عن الناس في الحياة الدنيا ويصفهم جميعًا بالعباد، سواء كانوا طائعين أم عاصين، قال: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله".
تابع: العاصين الذين أسرفوا في المعصية، الله يقول لهم "يا عبادي" ولم يقل لهم يا عبيدي، وقال أيضا "وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا"، مضيفا: هؤلاء من الطائعين المتواضعين، وقال “وإذا سألك عبادي عني فإني قريب”.
أوضح الخرباوي أن كل الأوصاف التي وصفها الله لنا في الدنيا عن العباد لا العبيد، أما في الآخرة وقت الحساب أراد الله أن يزرع الطمأنينة في نفوسنا فقال عن موضع الحساب وقت وزن العمل الصالح والعمل السيئ، "من عمل صالحا فلنفسه * ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد".
العبد والعبادة
استكمل: وقال عن هؤلاء الذين يختصمون بغير حق وهم في النار "لا تختصموا لديَّ وقد قدمت إليكم بالوعيد * ما يبدل القول لديَّ وما أنا بظلام للعبيد"، وقال أيضا عن أولئك الذين سيذوقون عذاب الحريق "ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد" ثم إذا بالله سبحانه يقول لنا إننا سنكون في الجنة عبادًا لا عبيدًا، كيف هذا؟!
تابع: اقرأوا قوله "يا أيتها النفس المطمئنة * ارجعي إلى ربكِ راضية مرضية * فادخلي في عبادي * وادخلي جنتي"، مردفًا: هذه النفس المطمئنة لن تقف في موقف الحساب فتكون من العبيد، ولكنها ستدخل مباشرة إلى الجنة دون سابقة حساب أو عذاب، فتدخل في دائرة العبادية مباشرة.
أضاف: سبب تلك التفرقة اللسانية أن الله أرادنا في الدنيا أحرارًا، نذهب إليه بحريتنا دون إكراه، نختار الطريق إليه دون تخويف أو إرهاب، لا يريدنا أن نشهد بوحدانيته والسيوف على رقابنا، ولكن يجب أن نذهب إليه بكامل حريتنا، لذلك وصفنا بالعباد ونحن في الدنيا.
أردف: أن تذهب إليه حرًّا بعيدًا عن كل صور الإكراه، ما أعظم ذلك إن فعلت، ما أروع أن تذهب إليه بعيدا عن أي تأثيرات تؤثر في إرادتك، سواء من مجتمعك أو أسرتك أو بلدك أو المنقول لك عن آخرين قدماء أو جدد، جعلوا أنفسهم وسائط بينك وبين الله.
اختتم: أنت في الدنيا من العباد، من أهل العبادية، والعبادية لا تكون جبرًا أبدًا، ومع ذلك فإنك لو أردت أن تخرج من دائرة العبادية وتدخل في دائرة العبودية فعليك أن تضع نفسك في موضع العبودية لله، وهو موضع الطاعة التامة بلا نقصان أو زيادة، وهذا ليس في استطاعتك فهذه هي مرتبة الرسل وهم يبلغون رسالة الله.