رئيس التحرير
عصام كامل

هذه هي الأدلة الجنائية للابتزاز الإلكتروني

في وقت أصبح فيه العالم قرية صغيرة، وبعد أن تأكد للجميع أنه في خلال أعوام قليلة سيصبح العالم الافتراضي هو العالم الحقيقي، ومع اقتراب تلك اللحظات تزداد الطموحات نحو عالم أفضل، وتزداد في الوقت ذاته المخاوف والتحديات من الجرائم الإلكترونية التي تعبر الـ"الزمكان"، أي الزمان والمكان، وتبرز أهم المخاوف من الجريمة الالكترونية، والتي أصبحت بلا حدود، فالجاني غير منظور، والمجني عليه لا يملك شهودًا على الواقعة، ولا يبقى سوى الطب الشرعي الإلكتروني ليكشف لنا أدلة إرتكاب الجرائم، ومن بينها جريمة الابتزاز الالكتروني.

 

ويبدو أن ظاهرة الابتزاز تطورت في أساليبها بإستخدام مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وغيره، وتوظيف هذه الوسائل ليتحول إلى إبتزاز إلكتروني، والتهديد بكشف معلومات خاصة عن شخص، أو تنفيذ فعل لتدمير الشخص المُهدد، إن لم يقم بالاستجابة إلى بعض الطلبات، وهذه المعلومات تكون ذات طبيعة مُدمرة اجتماعيًا ونفسيًا، وانتشار هذه الظاهرة في وسائل التواصل الاجتماعي بالتهديد لنشر صور أو فيديوهات لرضوخ الضحية لطلبات المبتز أو المبتزة ماليًا أو أخلاقيًا يمثل عدوانًا على الحياء العام.

 

وفي هذا الإطار نصت المادة (۱۱) من القانون ۱۷٥ لسنة ۲۰۱۸ في شأن مكافحة جرائم تقنیة المعلومات على أن: یكون للأدلة المستخرجة من الأجھزة أو المعدات أو الوسائط الإلكترونیة، أو النظام المعلوماتي أو من برامج الحاسب، ذات قیمة وحجیة الأدلة الجنائیة المادیة في الإثبات الجنائي متى توافرت بھا الشروط الفنیة الواردة باللائحة التنفیذیة لھذا القانون.

 

الإثبات الجنائي

 

وتنص المادة (۹) من قرار مجلس الوزراء ۱٦۹۹ لسنة ۲۰۲۰ بإصدار اللائحة التنفیذیة لقانون مكافحة جرائم تقنیة المعلومات على إنه  تحوز الأدلة الرقمیة ذات القیمة الحجیة للأدلة الجنائیة المادیة في الإثبات الجنائي إذا توافرت فیھا الشروط والضوابط الآتیة:


1ـ أن تتم عملیة جمع أو الحصول أو استخراج أو استنباط الأدلة الرقمیة باستخدام التقنیات التي تضمن عدم تغییر أو تحدیث أو محو أو تحریف للكتابة أو البیانات والمعلومات، أو أي تغییر أو تحدیث أو إتلاف للأجھزة أو المعدات أو البیانات والمعلومات، أو أنظمة المعلومات أو البرامج أو الدعامات من التقنيات المماثلة الإلكترونية. 
 

2ـ أن تكون الأدلة الرقمیة ذات صلة بالواقعة وفي إطار الموضوع المطلوب إثباته أو نفیه، وفقًا لنطاق قرار جھة التحقیق أو المحكمة المختصة

 

3ـ أن یتم جمع الدلیل الرقمي وأستخراجه وحفظه وتحریزه بمعرفة مأموري الضبط القضائي المخول لھم التعامل في ھذه النوعیة من الأدلة، أو الخبراء أو المتخصصین المنتدبین من جھات التحقیق أو المحاكمة، على أن یبین في محاضر الضبط، أو التقاریر الفنیة على نوع ومواصفات البرامج والأدوات والأجھزة والمعدات التي تم استخدامھا، مع توثیق كود الناتج عن استخراج نسخ مماثلة ومطابقة للأصل من الدلیل الرقمي بمحضر الضبط أو تقریر الفحص الفني، مع ضمان استمرار الحفاظ على الأصل دون عبث به. 


4ـ في حالة تعذر فحص نسخة الدلیل الرقمي وعدم إمكانیة التحفظ على الأجھزة محل الفحص لأي سبب یتم فحص الأصل ویثبت ذلك كله في محضر الضبط أو تقریر الفحص والتحلیل


5ـ أن یتم توثیق الأدلة الرقمیة بمحضر إجراءات من قبل المختص قبل عملیات الفحص والتحلیل له، وكذا توثیق مكان ضبطه ومكان حفظه ومكان التعامل معه ومواصفاته.


تحلیل الأدلة الرقمیة

 

وتنص المادة ( ۱۰ ) من ذات اللائحة على توصیف وتوثیق الدلیل الرقمي من خلال طباعة نسخ.. من الملفات المخزن علیھا أو تصویرھا بأي وسیلة مرئیة أو رقمیة، واعتمادھا من الأشخاص القائمین على جمع أو إستخراج أو الحصول أو التحلیل للأدلة الرقمیة، مع تدوین البیانات التالیة على كل منھا:

أولًا: تاریخ ووقت الطباعة والتصویر

ثانيًا: إسم وتوقیع الشخص الذي قام بالطباعة والتصویر

ثالثًا: اسم أو نوع نظام لتشغیل ورقم الإصدار الخاص به

رابعًا: إسم البرنامج ونوع الإصدار أو الأوامر المستعملة لإعداد النسخ
خامسًا: البیانات والمعلومات الخاصة بمحتوى الدلیل المضبوط

سادسًا: بیانات الأجھزة والمعدات والبرامج والأدوات المستخدمة

 

الدلیل الرقمي


والمشرع إستلزم فى جرائم تقنیة المعلومات توافر الدلیل الرقمي، أي معلومات إلكترونیة لھا قوة أو قیمة ثبوتیة مخزنة أو منقولة أو مستخرجة أو مأخوذة من أجھزة الحاسب أو الشبكات المعلوماتیة، ویمكن تجمیعھا وتحلیلھا باستخدام أجھزة أو برامج أو تطبیقات تكنولوجیة خاصة.
 

وللأدلة المستمدة أو المستخرجة من الأجھزة أو المعدات أو الوسائط الإلكترونیة، أو النظام المعلوماتي أو من برامج الحاسب، أو من أي وسیلة لتقنیة المعلومات ذات قیمة وحجیة الأدلة الجنائیة المادیة في الإثبات الجنائي بشرط توافر الشروط الفنیة الواردة باللائحة التنفیذیة للقانون، وبغیر توافر ھذا الدلیل الرقمي، فلا یمكن معاقبة المواطن على جریمة خالیة من دلیل الإدانة.

 

والمشرع حدد في الباب الثالث من القانون تحت عنوان: الجرائم والعقوبات أربعة وعشرین جریمة جنائیة قرر لھا عقوبات تتسم بالشدة لحفظ كیان الدولة وأمنھا القومي من ناحیة، وحفظ المبادئ والقیم الأسریة في المجتمع المصري وحرمة الحیاة الخاصة للمواطنین من ناحیة أخرى، وتراوحت العقوبات بین الحبس الذى تتراوح عقوبته عن شھر لبعض الجرائم وأخرى الحبس لا یقل عن سنتین وغرامة تراوحت ما بین ۲۰ ألف جنیه بما لا یجاوز الملیون جنیه.


السجن المشدد

 

بل إن المشرع شدد العقوبة بالمادة (۳٤) منه إذا وقعت أي جریمة من الجرائم المنصوص علیھا في ھذا القانون بغرض الإخلال بالنظام العام أو تعریض سلامة المجتمع وأمنھ للخطر، أو الإضرار بالأمن القومى للبلاد أو بمركزھا الاقتصادي أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة لأعمالھا، أو تعطیل أحكام الدستور أو القوانین أو اللوائح أو الإضرار بالوحدة الوطنیة والسلام الإجتماعي تكون العقوبة السجن المشدد.

 


لذا فإنه إمعانًا في تحقیق العدالة وعدم معاقبة برئ، إستلزم المشرع ثبوت الدلیل الرقمي على جمیع جرائم تقنیة المعلومات على جمیع وسائل الاتصال والتواصل الإجتماعي وجعل الأدلة الرقمیة تحوز ذات القیمة والحجیة للأدلة الجنائیة المادیة في الإثبات الجنائي، ومن هنا فإننا نهيب بالمؤسسات المعنية، أن يسابقوا الزمن نحو إعداد كوادر قادرة على مواجهة الجرائم الإلكترونية المعروفة، وكذلك المتوقعة في ظل العالم الافتراضي الذي سيفرض نفسه علينا.. وللحديث بقية

الجريدة الرسمية