مصر فى عام عجيب
مع نهاية كل عام تتم عملية جرد ذاتية، يفعلها كل منا كما يفعلها القادة والمؤسسات بأنواعها وبخاصة السياسية والإعلامية وبالطبع الأكاديمية. أهمية المراجعة وتفقد ما تم وما لم يتم، ما قيل وما كان ينبغى أن يقال، بل وما كان لا ينبغى قوله، أن يصفى الإنسان ذهنه مما تراكم عليه، وأن يمسح عن عقله ثقل التراكم، وأن يتخفف بدنه من الأوجاع النفسية والمادية المترتبة طول الوقت علي فكرة إزاحة المحاسبة الذاتية إلى وقت آخر. هذا الوقت الآخر الذى نفر منه، هو وقت آخر العام. لماذا آخر السنة؟ لأننا نتفاءل بفكرة بدء الصفحة الجديدة، مع بداية وقت جديد منحه الله لنا، لنسامح أنفسنا ونتصالح معها.
في العام الموشك على الرحيل ولأن الهم العام في الوطن والهم العام الإنساني أهم وأجل من متاعب النفس الواحدة، فإن حساب ما جرى للوطن وللبشرية يجب، بل إنه بالفعل يتصدر ويتقدم. العام الذي يحزم حقائبه للرحيل كان استمرارا لعام كورونا البغيض.. في مصر وفي العالم، وكما كان العام ٢٠١٩ وفى ديسمبر منه، هو عام مولد المصيبة العالمية الجائحة فينا..
تغيرات قاسية
الشهران الأخيران من عام ٢٠٢١ شهدا مولد المجنون المتفشي الجائح الطائح في أوروبا حاليا، ويتهيأ للانقضاض علي أمريكا والشرق الأوسط.. أوميكرون المتحور الذي باغت الدول والعلماء بانقلاب ثورى في بروتينه الشوكي.. مقتله باللقاحات سابقا! عام ٢٠٢١، شهد البراكين تقذف الحمم والصهير وشهد حرائق الغابات وشهد الأعاصير، أما ال٣٢ إعصارا التي ضربت وسط وجنوب أمريكا وقتلت حوالى مائة شخص فى كنتاكي وغيرها، فهى إنذار بتغير عنيف في المناخ ليس فقط للولايات المتحدة، بل للعالم أجمع..
حتى بالنسبة لنا في مصر، ليس هذا شتاءنا، ولا هذا صيفنا.. شتاء شديد القسوة.. الثلوج غطت الإسكندرية ونقلتها بهيئتها إلى الشواطئ الأوروبية.. الثلوج نزلت القاهرة والمنصورة الشتاء الماضي.. الصقيع الذي نعيشه منذ آيام في مصر صقيع فصل الخريف، لان الشتاء الرسمي بدأ أمس فقط.. لم يشهد عامنا فى مصر تغيرات في الطقس والمناخ وفى الأسعار فحسب، بل شهد تغيرات قاسية وأشد عنفا في نموذج الجريمة المصرية، اغتصاب أطفال، قتل الأب علي يد أبنائه. تآمر الأم وأولادها علي أبيهم. بيع أطفال. رمي وليد. ذبح رجل في الشارع علنا وبدم بارد..
المحظوظون حقا من يتبادلون السباب دون الرصاص أو ضرب السكاكين، والمقصود أن الأعصاب محترقة ومشدودة، وكلنا لا نطيق كلنا، وتمكنت منا حالة تربص وتحفز! بالطبع هذه حالات فردية، لكنها للأسف متكررة، والقتل يقع في كل مجتمع، لكن الطريقة والدوافع اختلفت عندنا. وهذا هو المخيف.
يمكن إضافة وصف آخر للعام المصرى المؤذن بالرحيل بعام القضايا الزوجية والخناقات الزوجية التافهة شغلت المجتمع وأكلت عقله وسطحت وجدانه.. ولهث الإعلام لهاثا مخزيا وراء أجندة المنصات الاجتماعية. أجمل ما في العام حقا أن المصريين يعيشون في الكوكب، وفيهم وهم عميق بأن كورونا لا تخصنا، أو هي بنت عمنا تعاملنا معاملة خاصة وترأف بنا لأننا غلابة، مع أن في أفريقيا من هم أشد بؤسا وفقرا ! وماذا عن أوميكرون؟ وماذا عن نهاية الموجة الرابعة؟ لا تقلقوا.. سوف يأتي الملعون وسوف يتم تجنيسه وتطبيعه..
كل عام وحضراتكم فى خير وفي نوم عميق مطمئن.