رئيس التحرير
عصام كامل

كاذب ومُدَّعٍ ومُدلس


كاذب ومدّع ومُدلس؛ من يصف الحدث الاستثنائى العظيم الذى صنعه المصريون يوم 30 يونيو –شعبًا وجيشًا وشرطة– بأنه انقلاب عسكرى، فالانقلاب العسكرى بالمعنى الذى عهدناه هو أن يقوم الجيش بإزاحة النظام ثم يستأثر لنفسه بالحكم، وقد سبق وأعلن الفريق السيسى فى بيانه الأول أن الجيش لم يتحرك إلا استجابة لصوت الجماهير التى كفرت بالنظام الإخوانى الفاشى، وأنه غير معنى بالسلطة، وكان على المتأففين من فكرة تدخل الجيش بشكل عام أن يتحفوُنا بحل بديل يضمن عزل النظام القديم وتسليم السلطة لغيره بشكل آمن، علمًا بأنه نظام يدعم جماعات متطرفة تحمل السلاح ويفضل الحرب الأهلية على ترك الكرسى.


كاذب ومدّع ومُدلس من يصف الفترة السياسية التى تعيشها مصر الآن بـ(الحكم العسكرى) فقد رد الجيش كيد المغرضين، وأثبت حسن نيته بتعيين رئيس المحكمة الدستورية المستشار عدلى منصور رئيسًا للبلاد فى مقدمة بيان العزل، وعلينا ألا ندير بالًا للمحاولات المغرضة التى تسعى للإيقاع بين الجيش والشعب بتذكيرنا بالصور والفيديو بانتهاكات (المجلس العسكرى) وليس (القوات المسلحة) فى حق المتظاهرين أثناء أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء، علينا أن نعلم أن الجيش ليس "طنطاوى" وأن "طنطاوى" يختلف عن "السيسى".

كاذب ومدّع ومُدلس؛ من يحاول أن يختزل الرأى العام العالمى تجاه الثورة المصرية الثانية فى رد فعل قناة "السى إن إن" وتصريحات "أوباما" والحيزبون "آن باترسون" و"بان كى مون" فأمريكا التى تتبجح بالحديث عن الحريات يعلم أى "عيل خايب" فى الوطن العربى أن كلامها عن تبنى التحول الديمقراطى (فاكس)، وأنه لا يعنيها إلا مصالحها، ومصالحها مع الإخوان الذين عملوا على (تظبيط) الأوضاع فى غزة لصالح الحبيبة إسرائيل.

كاذب ومدّع ومُدلس من يحاول أن يستعين بأمريكا علينا ويفزعنا بسحب المعونة، فقد قالها من قبل الزعيم الراحل جمال عبد الناصر: "إذا كانت أمريكا بتدينا 50 مليون جنيه معونة فإحنا نقدر نوفرها على الجزمة"، وقالها بعده شباب "فيس بوك" بصيغة أخرى: "هى أمريكا مش عارفة إن المصريين فرقعوا صواريخ اليومين اللى فاتوا بثمن المعونة"! ولا أبالغ حين أقول إن موقف السيسى شكل تحديًا لأمريكا ذكرنى بمواقف الراحل العظيم الزعيم جمال عبد الناصر، وعلى الجميع أن يعلم أن ابن ماريكا لا يخشى من الدول التى يستقوى حكامها بأمريكا على شعوبها، ولكنها تخشى من الدول التى تستقوى بشعوبها على أمريكا.. وسوف نكون منهم بإذن الله.

كاذب ومدّع ومُدلس من يطالب بتطهير القضاء المصرى الشامخ –رغم أنف الحاقدين– الذى صمد أمام محاولات النظام المستميتة لتدجينه أو اتهامه بالفساد، رغم أنه نفسه النظام الذى كان يقف رجاله أمام أبواب اللجان فى انتخابات برلمان 2005 هاتفًا: "يا قضاة يا قضاة أنتم لينا بعد الله، يا قضاة يا قضاة خلصونا من الطغاة"، وعلى الجهلاء المرددين بغير فهم كلمة (قضاء مبارك) أن يخرسوا إلى الأبد بعدما ضرب لهم النائب العام (الشرعى) المستشار عبد المجيد محمود مثلًا يحتذى به فى هيبة وعظمة القاضى العادل مسجلًا اعتذاره عن منصب النائب العام بعد إنصافه بقرار عودته سابقة تاريخية فى قضاء مصر والعالم أجمع.

كاذب ومدّعٍ ومُدلس؛ من يعيد الآن (التسخين) والترويج لمصطلح الفلول، هذه (الافتكاسة) التى لم يستفد منها أحد قدر ما استفاد تيار الإسلام السياسى الذى ابتدعها تمهيدًا لقانون العزل السياسى لكى يضمن منافسة ضعيفة فى انتخابات البرلمان فى غياب الكوادر (الفلولية)، وضيق الوقت لظهور كوادر جديدة، وسواء اختلفنا أو اتفقنا على تبرئة فلول مبارك من تهمة عدم الوطنية، فإننى أعتقد أن ثورة 30 يونيو قد جبت ما قبلها وشرُف كل من شارك بها بحمل لقب (ثائر)، أما لقب (فلول) فلن يطارد بعد اليوم إلا فلول الإخوان.

الجريدة الرسمية