إنجي الحسيني تكتب: صناعة «الترند» خطر يهدد المجتمع
لقد صارت صناعة "الترند" خطرا يهدد المجتمع، وأصبح "الوعي" هو العامل الوحيد القادر على التصدي لهذه الظاهرة المستحدثة.. وللأسف فإن البضاعة التي يتم التسويق لها ويسهل انتشارها هي البضاعة الرخيصة، ومما يساهم في عملية الترويج هو استضافة الإعلام للنماذج السلبية التي قدمت نفسها عبر مواقع التواصل الاجتماعي!
ففي أقل من أسبوع واحد، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي عدة قضايا يجب أن تدق من أجلها جرس الأنذار، ومن ضمن تلك القضايا؛ مسئولية "الإعلام" تجاه المجتمع، ولكن للأسف الشديد أصبح الاعلام مشكلة وعبء كبير على بلدنا خاصة الإعلام الخاص، عندما تم استضافة صاحب مهرجان "شيماء" كضيف على قناة mbc مصر، في تزامن عجيب مع احتفالية ذوي الهمم " قادرون باختلاف"، والتي شعر معها كل مواطن بالأمل، وبأن أعياد الطفولة قد عادت من جديد، ولكنها ترتدي ثوبا بطعم مختلف، لتقدم لنا قدرات وقدوات نستطيع أن نتعلم منهم ونقتدي بهم.. لنخبر المستحيل بأننا "قادرين"وأننا بالفعل "قادرون باختلاف".. ليس بالاختلاف الجسدي فقط، ولكننا قادرون كبلد لو استقدمنا تلك النماذج المضيئة.
أزمة المهرجانات والعشوائيات
لقد غطت تلك الاحتفالية على أزمة المهرجانات والعشوائيات، ولم يرسخ في عقل المشاهد إلا الأبطال الذين احتفى بهم الرئيس عبد الفتاح السيسي مثل: آية وعبد الرحمن وأحمد وملك وغيرهم من الأبطال القادرين على التحدي بشرف.. هؤلاء هم أبطال مصر الحقيقيين الذين يجب أن يستضيفهم الاعلام ويدعمهم كل محترم وكل رجل أعمال إذا أراد.
لكن الاعلام آبى أن يساهم في لفظ كل دخيل على المجتمع فإذا به يستضيف نموذج سلبي، قد يكون قدوة لضعاف النفوس الباحثين عن الشهرة، رغم اعلان الكثيرون الحرب على هذا المستوى المتردي من الذوق الفني تضامنًا مع نقيب الموسيقيين "هاني شاكر" وما يفعله الاعلام من نقل تلك الظواهر من مواقع التواصل الاجتماعي لشاشة التلفاز هو توجه عكسي لتدمير المجتمع وتحطيم للصور القويمة التي يمكن للأطفال والشباب اتباعها.
شعر شيرين
صنعة أخرى قامت بها المطربة "شيرين عبد الوهاب" وهو حلاقة شعرها بالكامل عقب طلاقها، البعض فسر ذلك بكونه قوة، والآخر رآه ضعفًا واكتئابًا، وآخرون فسرظهورها على هذا النحو بمثابة اعلان حرب على طليقها ومحاولة لاكتسابه كراهية الجمهور نتيحة ما وصلت إليه، وأيا ما كان السبب فقد نجحت الفنانة المعروفة في صناعة الترند، ولكنه ترند يعطي طاقة سلبية وصورذهنية غير سليمة عن المرأة، فالمرأة القوية لا تقم بتلك الأفعال ولا ترسل الرسائل، المرأة القوية نموذج آخر نراه يوميًا في حياتنا، نراه في أم شهيد وزوجته؛ الأولى تفننت في صناعة بطل والأخرى في تربية أولاده، ونراه أيضا في أمهات القادرين باختلاف؛ تلك الأم المثابرة والتي وتعبت وتحملت وبكت وتألمت من أجل رحلة عطاء قد لا يفهمها من لم يتمحن مثل هذا الامتحان الصعب، ونراه في كل سيدة تعمل بشرف وهي تتحمل صعوبات الحياة وأخيرا مثيلاتها من المطلقات ممن اختبرن ساحات المحاكم من أجل السعي وراء حقوقها وحقوق أولادها.
الصورة السلبية عند الجمهور
لذلك فإن تصدير تلك الصورة السلبية عند الجمهور في الوقت التي تبرز فيه المرأة كمحاربة وعاملة وعالمة ووزيرة؛ ما هو إلا إساءة لصورة المرأة وخاصة تلك التي مازالت تجاهد بسبب قوانين الأحوال الشخصية... ومن السئ أن يستخدم المشاهير برامج الاعلام وصفحات التواصل الاجتماعي لعرض مشاكلهم، لأن ذلك يصرف النظر عن المشاكل الجديرة بالاهتمام ومنهم الفنان الكبيررشوان توفيق رغم أن مشكلته شخصية كانت تستوجب وجود "بيت"، وليس جمهورًا عريضًا.
الأوكرانية العارية
الترند الأخير الذي وجب الاشارة له، هو تصوير السائحة الأوكرانية التي خرجت عارية ببلكونة منزلها، وهنا الترند يتعلق بقيمة "الحرية"، وزاد اللغط لعدم الامكان التفريق بين حرية الفرد وحرية المجتمع ككل، وبين احترام السائح لعادات المجتمع الذي يحيا فيه وبين تفهم المجتمع لثقافات الأخر الدخيلة عليه.
ولقد استمتعت لمداخلة الدكتور "خالد منتصر" مع الاعلامي عمرو أديب، وأتفق معه في أن عملية تصوير الآخرين أصبحت مباحة بشكل ينتهك الخصوصيات، لكنه لم ينتقد إذاعة التصوير على صفحات الفيسبوك عند انتهاك عرض طفلة المعادي ولم يفعل ذلك عندما وضع أحد الآباء ابنه الصغير على "تندة" شباك بيته، وهناك الكثير من النماذج السلبية والسؤال هنا متى يستوعب الفرد بأن ما أمامه جريمة واعتداء على المجتمع أو حرية شخصية من حق صاحبها التمتع بها بدون تدخلات.. فاحترام الحرية يجب أن تكون متبادلة فعلى السائح احترام عادات وتقاليد البلد التي يعيش فيها وعلينا احترام اختلاف الثقافات.
الفتاوي الدينية
وفي النهاية أصبح الترند يرصد حالة ما، ويصنع قضايا أغلبها زائفة لكنها تكشف عن الكثير، فتردي الذوق الفني ظهر من خلال أغاني المهرجانات ولكن الخطر يكمن في التناول الاعلامي الخاطئ، مشكلة الفتاوي الدينية ظهرت على سبيل المثال مؤخرا في تقييم اللاعب "محمد صلاح" وحديثه عن الخمور مع الاعلامي عمرو أديب، مشكلة الحريات واختلاف الثقافات ظهرت مع تصوير السائحة الأوكرانية العارية، واستغلال الفنانون لمواقع التواصل الاجتماعي مثلتها المطربة شيرين بمظهرها الجديد وغيرها.. كل تلك الترندات المفتعلة تصرف النظر عن القضايا الاجتماعية الهامة والانجازات الحقيقية التي تتم على أرض الواقع ويخلق بلبلة طوال الوقت.. لذلك فصناعة الترند خطر يجب التنبيه له خوفا من اندساس عناصر زائفة لتصنع حالة وهمية، لنجد أنفسنا ندافع عن أغراض خبيثة.