دارفور تنزف دما.. قصة حزينة بطلها ذهب جبل مون
تكشفت الأيام الماضية عن إحداث صراع دامية في دارفور تدور حول الهوية والاستيلاء على الأراضي والموارد المعدنية وليس صراعًا تقليديًا بين الرعاة والمزارعين لتكشف قصة النار والدم والذهب واليورانيوم في جبل مون.
ثروات جبل مون
وبين الأنباء عن حقيقة الصراع الدامي بجبل مون وعلاقته بالثروة المعدنية الهائلة بداخله برزت حقيقة واحدة هي سقوط ضحايا من المدنيين وفرار آلاف المشردين بحثا عن الأمان.
ورغم أن تاريخ الحياة الحضرية في جبل مون يعود إلى أكثر من 700 عام، إلا أن الجبل اكتسب شهرته في العام 1985 عندما ارتبط اسمه بإحدى أهم المحاكمات السياسية في تاريخ السودان الحديث، إذ أظهرت وثائق الاتهام الموجهة ضد نائب الرئيس الراحل جعفر نميري؛ الذي حكم السودان من 1969 وحتى 1985.
وكان الجبل الواقع على بعد 50 كيلومترا إلى الشمال من عاصمة الولاية محور فضيحة استخباراتية بطلها مدير منظمة ألمانية حاول سرا استغلال اليورانيوم الضخم الموجود في الجبل تحت غطاء تقديم الإغاثة للسكان المحليين المتأثرين بالجماعة الطاحنة التي ضربت السكان المحليين والعديد من سكان القارة الإفريقية في ذلك الوقت.
اليورانيوم والذهب
الآن وبعد أكثر من 30 عاما، أصبح الجبل محور صراع حول ثروة أخرى لا تقل قيمة عن اليورانيوم تتمثل في الكميات الضخمة من الذهب الذي تقدرها بعض الجهات المستقلة بأكثر من 50 طنا؛ وهو ما يفسر أحد أهم الأسباب التي تؤجج الحرب الطاحنة التي يعاني منها السكان المحليين في الوقت الحالي.
ووفقا لتقارير دولية، فقد أدت الهجمات المتلاحقة التي تعرض لها سكان الجبل المحليون خلال الأسابيع الأخيرة إلى مقتل العشرات ونزوح الآلاف؛ كما تم نهب وحرق أكثر من 42 قرية من قرى الجبل، واضطر سكانها للنزوح إلى مناطق أخرى.
وكان كشف السكان المحليين من مواطني منطقة جبل مون بحسب " راديو دبنقا" في مؤتمر صحفي نظمته اللجنة القومية لدعم متأثري جبل مون بالخرطوم،عن مشاركة عربات قوات الدعم السريع المزودة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة في الهجوم على جبل مون.
مؤكدين أن المهاجمين فصلوا مناطق شرق جبل مون الغنية بالذهب والمعادن في مخطط للسيطرة على الموارد.
صراع الاستيلاء على الموارد
مشددين على أن الصراع في جبل مون ليس بين المزارعين والرعاة بل من أجل الاستيلاء على الأراضي والموارد .
من جانبه قال الدكتور حسن امام رئيس المجلس الاستشاري لمحلية جبل مون بحسب " راديو دبنقا" إن الأحداث الأخيرة لها علاقة بالسياسة واستحواذ الأرض والموارد ومن بينها الذهب واليورانيوم، أسوة بما حدث في جبل عامر وسنقو وغيرها.
وأشار في مؤتمر صحفي إلى إصرار مواطني المنطقة على رفض التعدين العشوائي.
وقال إن بداية أحداث جبل مون تزامنت مع إغلاق الشرق مشيرًا إلى وجود ارتباط بين القضيتين وما جرى لاحقًا.
من جانبها قالت صفاء العاقب عضو اللجنة القومية لدعم ومساعدة متضرري جبل مون إن الصراعات في جبل مون تدور حول الهوية والموارد وليست قبلية؛ وطالبت بالدعم الإنساني وتوفير الحماية والوصول للمنظمات الإنسانية.
حكومة ولاية غرب دارفور
وعلى صعيد آخر نفت حكومة ولاية غرب دارفور ارتباط أحداث جبل مون بمطامع في الثروة المعدنية وأكدت أن الثروات خط أحمر تقف دونه قيادة صارمة وجنود اشاوس
وقال والي غرب دارفور خميس عبدالله في بيان له بحسب "دارفور 24"، إن الحديث عن ارتباط صراعات جبل مون بمطامع في الثروة المعدنية عار من الصحة.
وأضاف أن ثروات ومقدرات ولاية غرب دارفور خط أحمر تقف دونه قيادة صارمة وحنود أشاوس وشعب لا يقبل المساس به.
واتهم بعض الجهات لم يسمها بترويج اخبار كاذبة تستهدف التشكيك في سمعة وعرقلة حكومة ولاية غرب دارفور من أجل إثارة حالة من البلبل والفوضى
مقتل 17 شخصا
وكانت أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية بغرب دارفور، مقتل 17 شخصًا وجرح 12 آخرين جراء صراع قبلي مسلح بمنطقة جبل مون بالإقليم.
وأشارت اللجنة في بيان صحفي الخميس، أن عددًا من القرى في منطقة جبل مون بولاية غرب دارفور، شهدت أحداث عنف دامية نتيجة نشوب صراع مسلح بين مكونات قبلية بالمنطقة منذ يوم 17 نوفمبر الجاري والأيام التي تلتها.
وقالت إن الأحداث أسفرت عن سقوط عدد من القتلى والجرحى، وموجة نزوح ولجوء من القرى المتأثرة إلى كل من صليعة وكلبس المجاورة ومنطقة برك بدولة تشاد، وكذلك إلى داخل جبل مون.
جبل مون
وأضاف البيان “وثقت اللجنة نتيجة هذه الأحداث 17 قتيلًا و12 جريحًا من طرفي النزاع وذلك عبر الكوادر الطبية العاملة في مناطق الصراع في محلية جبل مون، إضافة إلى الحالات التي وصلت مستشفى الجنينة التعليمي والسلاح الطبي ومشرحة الجنينة”.
ونبهت لجنة الأطباء إلى أن "الجرحى يتلقون الرعاية الطبية في مستشفيات ولاية غرب دارفور، حيث خضع 3 منهم لعمليات جراحية في مستشفى الجنينة التعليمي".
وحمّلت اللجنة، السلطات الأمنية المسؤولية في حماية أرواح المدنيين وممتلكاتهم، عقب تقديم شخص واحد إلى المحاكمة في جميع الأحداث التي وقعت في غرب دارفور خلال العامين الماضيين.
وأشارت لجنة الأطباء، أن عدم المحاسبة يشجع المتفلتين والعصابات الإجرامية لمواصلة ارتكاب المجازر.