متعة الذكاء
نواجه أحيانًا شخصيات في حياتنا تتعامل بمنتهى الحماقة والغباء؛ يمارس أحدهم بحقنا الاحتيال علنا، ويكرر أساليب نصبه مرة تلو أخرى.. وفي كل مرة يفترض أنه يفوقنا بذكائه ويؤكد لنفسه أننا أغبياء، وربما يخلط بنفسيته المريضة بين مفهومي الطيبة والغباء، فينعت أحدنا بـوصف الطيبة يقول: فلان رجل طيب، وهو في مكنونه يريد أن يقول: رجل عبيط.
والحقيقة إن من يشاهدون عمليات النصب الممنهجة ضدهم ويسامحون مرة تلو أخرى، ليسوا أغبياء أو مغفلين، كما يظن النصابون.. بل إنهم يكوِّنون عقيدة راسخة لإصدار حكم أو اتخاذ قرار بحق أولئك النصابين لن يكون فيه رجعة، والطيبون في هذه الحالة قد وصلوا إلى مرحلة تفوق مرحلة الذكاء، إنها مرحلة اعتلاء الذكاء؛ فلا يظن نصاب أن من يكرر التسامح بشأن تصرفاته الحمقاء، مغفل أو عبيط، فيكرر بحقه أفعال الحماقة، إنما هو يفوقه بذكائه لإصدار قرار نهائي بقطيعته أو تأديبه بطريقة خاصة.
وعلى كل من تعرَّض لموقف أو مأساة أو تم الاحتيال عليه، أو باغتته طعنة في الظهر ممن لم يتوقع منه الشر، أن يتعافي بدواء الإرادة وعلاج العزيمة، ويتمتع بما من الله عليه من إدراك؛ لأن الحياة لن تتوقف أمام محاولة نصب أو طعنة غادرة، وإذا كان أعداء هؤلاء يؤلمهم النجاح فعلى من تلقوا الطعنات أن يبالغوا في ذلك النجاح؛ حتى يزيدون حاسديهم والحاقدين عليهم حسرة ونيرانا ورحم الله القائل: أصبر على كيد الحسود فإن صبرك قاتله.. كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله.