البحث عن إبرة في كوم كورونا
يستيقظ يوم إجازته وقد أنهكه عناء أسبوع من العمل، يقدم خطوة ويؤخر أخرى في سبيل البحث عن تهدئة لمخاوفه التي طالما أججتها تلك الأخبار المتوالية عن فيروس كورونا وأخوانه المتحورين، أوهكذا يمضي حال المواطن في رحلة البحث عن التطعيم باللقاح المضاد لفيروس كورونا بعد أن تلقى درسا قاسيا من جرَّاء تأخره عن موعد الحجز المحدد للحصول على اللقاح.
وقف أمام الموظفة المعنية بالتطعيم، فابتسمت إليه ابتسامة جمعت معانيها بين الإشفاق والعتاب، كان ردها ملخصا في كلمتين «حضرتك تأخرت 72 ساعة عن الموعد المحدد»، هنا أيقن ذلك المطحون أنه يستحق العقاب بالوقوف في أطول طابور.
لقاح كورونا
يفتح التلفاز صباحا أو تقع عينه على الأخبار العاجلة في المواقع الإلكترونية؛ فيفاجأ بمتحور جديد من عائلة كورونا المشاكسة إنه المتحور «أوميكرون».. بدأ يتدبر الاسم الجديد ويتساءل: «هل أخطأ كاتب الخبر؟»، «هل تم تغيير اسم كورونا الذي لم يعد مستجدا؟»، و«هل الكلمة منفصلة بين "أو" و"ميكرون"»؟.. ينصت بشدة إلى صوت التلفاز؛ فيتحقق من المسمى الجديد إنه «أوميكرون»، الذي يستغرق العلماء للتعرف عليه من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.
بعد سيل الأخبار بشأن «أوميكرون»، توالت التحذيرات الحكومية على مسمع ذلك المواطن بأنه «لا دخول إلى أي مكان حكومي من دون تقديم إثبات الحصول على اللقاح»،.. وهكذا تحولت حياة المسكين إلى رحلة بحث عن لقاح مضاد لفيروس كورونا ليس بهدف التطعيم بحد ذاته، ولكن بهدف الحصول على شهادة إثبات الحصول على التطعيم.
أما التطعيم نفسه فقد تحول على ألسنة محترفي الشائعات إلى مادة دسمة للتسلية وإدعاء العلم بأكاذيب يزعم تداولوها أن اللقاح يؤدي إلى العقم، وتارة يروجون بأن اللقاح سيؤدي إلى وفاة الحاصلين عليه بعد سنوات، يضطجع أحدهم قائلا: «الكلام كلام العلماء!!» في محاولة لترسيخ أكذوبته التي يريد نشرها كنار تسري في الهشيم.
بات صاحبنا في حالة ذعر، بسبب طوابير متراصة في محطات المترو للحصول على اللقاح وقد أبت تلك الطوابير إلا أن تتحدى التصريحات الرسمية التي ذهبت إلى أن الحصول على اللقاح متاح بسهولة على طريقة «كله تمام يا فندم»، بينما المشهد في محطات المترو يعد مصدرا لترويج العدوى بفيروس كورونا مثل ترويج الشائعات..
كانت تلك حالة كاتب هذه السطور في «رحلة البحث عن إبرة في كوم كورونا»، فهل تتفاعل وزارة الصحة مع مطالب المواطنين بواقعية وتتابع طوابير الانتظار وتكف عن عقاب المتأخرين في الحضور للموعد الذي تم حجزه إلكترونيا، بإلغاء الحجز؟.. هذه الأسئلة أطرحها على مسؤولي وزارة الصحة لعلنا نجد لها مجيبا.