كيف أنهت أزمات السنوات الماضية على مستقبل التيارات الدينية؟
بدرجة كبيرة انتهت التيارات الدينية في شكلها التقليدي، واستنساخ تجارب أخرى لم يعد أمرًا ممكنا، في ظل قناعة ترسخت على مدار السنوات الماضية، مفادها أن اللعب بالدين وبطريقة فجة، يعني وضع الوطن على فوهة بركان، لكن يبقى السؤال قائما: لماذا انتهت التيارات الدينية بهذه الطريقة المؤسفة من ذاكرة الشعوب العربية ؟
مرحلة ما بعد الربيع العربي
يقول عماد عبد الحافظ: إن مرحلة ما بعد الربيع العربي تمثل نهاية تجرِبة الحركة الإسلامية بشكلها التقليدي والتي نشأت وامتدت طوال القرن الماضي، وأوضح "عبد الحافظ" أنه لا يعني بنهايتها زوالها من الوجود، ولكن نهاية الاعتقاد بكونها حركة قادرة على الإصلاح والتغيير في المجتمع، مردفا:
يتطلب الأمر انشغال كل الأطراف بما فيها الحركة الإسلامية ذاتها بتقييم تلك التجرِبة بشكل عميق لمحاولة فهم التطورات التي قد تحدث في هذه الحركات وما هو المأمول في شأنها.
وأضاف: بالنسبة للإخوان فهي تعتقد أن سر قوتها يكمن في قوة التنظيم، الذي ينبع من احتوائه عددا كبيرا من الأفراد، تستطيع مجموعة صغيرة من القيادات أن تتحكم في حركتهم وتوجههم كيفما تشاء، وبذلك تكتسب الجماعة قدرة كبيرة على التأثير بالمقارنة بأي فصيل أو تيار أو حزب آخر، فتستطيع تحقيق وجودها باستمرار وفرض إرادتها والحصول على العديد من المكتسبات.
نتائج كارثية
وتابع: الإخوان بشكلها الحالي ليست في حاجة إلى فرد يفكر وينتقد ولديه القدرة على الحركة الذاتية، ولكنها بحاجة إلى فرد منفذ يسمع ويطيع ويثق بشكل مطلق في قيادته، ويفعل كل ذلك بدافع ديني معتقدًا أن هذا واجب عليه، بناءً على أسلوب الجماعة الذي تستخدمه في إنزال بعض النصوص الدينية عليها كمفهوم الطاعة والبيعة والجماعة.
وأضاف: لكن هذا الأسلوب كانت له نتائج كارثية، حيث أفقد الفرد نفسه إرادته وملكاته الفكرية التي وهبه الله تعالى إياها، كما أصاب عقل الجماعة بالضمور وأفقدها حيويتها فحال بينها وبين القدرة على التطور، كما جعل من ذلك الفرد كائنًا متعصبًا لفكر الجماعة ومواقفها، يدافع عنها في الحق والباطل، سواءً علم بأنه باطل أم لا، فأضحى سببًا من أسباب الانقسام في المجتمع.
واستكمل: كان لهذا الأسلوب تأثيره الكبير في عدم قدرة البعض على الخروج من الجماعة رغم رؤيته للعديد من الأخطاء فيها، لكنه ونتيجة لتلك التربية كان يعتقد أن الخطأ في عدم قدرته هو على إدراك ما تدركه قيادة الجماعة، فيعود أدراجه في صفوفها مستسلمًا ملتزمًا بفعل ما لا يقتنع به، فقط لأنه تربى على أنه ليس عليه سوى التنفيذ، أما الباقي فهو من شأن القيادة التي ترى ما لا يراه أحد.
واختتم حديثه قائلا: يأخذون الفرد في مسار خاطئ، ويهدرون ما اكتسبه وتعلمه من أمور حسنة، لأن الفرد في النهاية لا يكون إلا جزء من التنظيم، وترسا في ماكينته.