السعوديات ينفقن مليار دولار على مستحضرات التجميل
تقف سماح بثبات أمام مرآتها.. بحذر وتركيز شديدين ترسم خطًّا من الكحل الأسود على جفنها العلوي وتحاول جاهدة أن تجعله يبدو تمامًا كما رسمته على الجفن الآخر.
أمام المرآة تتناثر علب زاهية الألوان وبراقة من ظلال العيون وأقلام الحمرة ومساحيق التجميل المختلفة التي تحرص سماح على شرائها بشكل دوري، كما تفعل ملايين النساء حول العالم اللواتي يستخدمن مستحضرات التجميل يوميًا ويقتطع من مداخيلهن شهريا لاقتنائها.
من المؤكد أن العديد من النساء يضمرن عشقًا لمستحضرات التجميل، لكن هناك مَن تجادل بأن هذه المستحضرات باتت مفروضة عليهن بسبب التنميط والضغوط الاجتماعية لفرض معاييرَ محددة للجمال.
المنطقة العربية
ورغم شيوع مستحضرات التجميل في مختلف بلدان المنطقة العربية إلا أن دول الخليج العربي تتصدر قائمة المستهلكين لهذه المستحضرات، وتترأس المملكة العربية السعودية لائحة المنفقين عليها بين البلدان العربية.
فقد بلغ إجمالي الإنفاق السعودي على مستحضرات التجميل أكثر من 500 مليون دولار أمريكي في عام 2015 وفقًا للهيئة السعودية العامة للجمارك، بينما ارتفعت قيمة مبيعات هذه المستحضرات بحسب الهيئة إلى أكثر من مليار دولار أمريكي في عام 2018، ويعد المغرب العربي الأقل استهلاكًا لمستحضرات التجميل في المنطقة العربية.
ورغم أن تنميط الجمال وضغوط المجتمع اليوم يلعبان دورًا كبيرًا في سعي النساء لشراء مستحضراتٍ تعتقدن أنها تزيدهن جمالًا وقبولًا لدى الآخرين إلا أن استخدام هذه المستحضرات ليس وليد اليوم إنما يعود إلى آلاف السنين.
المصريون القدماء
فقد استخدم المصريون القدماء الكحل حول العيون، كما ابتكروا مساحيق ومستحضرات تجميل مختلفة.. ومنذ عصور ما قبل الميلاد حتى اليوم تعززت سوق مستحضرات التجميل وازدهرت باختلاف الشعوب والحضارات والأزمنة، ولكن الترويج العالمي لمعايير جمالية محددة، أسهمت مواقع التواصل المختلفة بانتشارها بشكل متزايد، أدت إلى توسيع نفوذ هذه السوق خلال السنوات الأخيرة.
تقول سماح هومي، وهي مغربية مقيمة في بريطانيا: إنها لا تستطيع الخروج من المنزل بلا "ميك أب" (مكياج)؛ لأن جميع مَن حولها بدءًا من مديرها في العمل إلى أقاربها سيعتقدون أنها مريضة أو مرهقة ويسألونها عن سبب شحوب وجهها.
مستحضرات التجميل
وتضيف بأنها تمتلك "ميك أب للاستعمال اليومي وميك أب للمناسبات"، ولكن سماح تلجأ إلى اقتناء المواد التجميلية الأرخص سعرًا أحيانًا مضحية بالجودة؛ فمستحضرات التجميل الخاصة بالعلامات التجارية الشهيرة قد تكلف ثروة لمَن يحرصن على اقتنائها.
تدرك سماح أن المستحضرات ذات الجودة المنخفضة قد تسبب ضررًا أكثر للبشرة والصحة، ولكن "مواد التجميل الصحية باهظة الثمن وليس بمقدور الجميع الحصول عليها"، تضيف سماح.
الأسواق النشطة
تعد اليوم سوق مستحضرات التجميل من الأسواق الأنشط عالميًّا؛ فقد بلغت قيمتها عام 2017 نحو 500 مليار دولار أمريكي، ومن المتوقع أن تصل قيمتها إلى نحو 800 مليار دولار في عام 2023.
ربما تبدو هذه الأرقام مبالغًا بها أو أنها كبيرة جدًّا، ولكن الحقيقة هي أنه لم يعد مكان في العالم اليوم بمنأى عن مستحضرات التجميل؛ فإذا غابت العلامات التجارية الشهيرة حلت مكانها المنتجات المقلدة كبديل لمحدودي الدخل أيضًا حتى في الأماكن التي تحتدم فيها الحروب والأزمات الاقتصادية.
في مدينة عدن باليمن يقف أبو علي المطري أمام باب متجره الصغير الذي امتلأت رفوفه بمستحضرات التجميل المختلفة من مكياج وعطورات ومرطبات.