رئيس التحرير
عصام كامل

بـ 100 رجل.. كفاح الحاجة نعمة على عربية العدس لتربية أولادها الـ5 | فيديو

الحاجة نعمة ست بـ
الحاجة نعمة ست بـ 100 رجل

بعد أن تنعطف يمينًا بعد أن تنتهي من السير في ميدان القلعة وبالتحديد في شارع ضيق يحمل اسم "عطفة التكية"، تجذبك رائحة العدس والمكرونة والكشري الذي تصنعه سيدة ذات ملامح مصرية هادئة طيبة، صاحبة الابتسامة الدافئة، "الحاجة نعمة" صاحبة أشهر عربية لبيع العدس في منطقة القلعة، والتي تجلس ها هنا في مكانها منذ حوالي 27 عامًا.

 

ست بـ 100 رجل 

في الرابعة من فجر كل يوم ومنذ 27 عامًا وحتى اليوم، تستيقظ الست نعمة من نومها، تبدأ في تقطيع الجزر وغسله ورفعه على النار مع كمية العدس المحددة سلفًا، وبعد أن تنتهي من صناعة شوربة العدس تضيف إليها الشعرية، لتبدأ الرائحة في الانتشار في شارع عطفة التكية بحي القلعة، تدلك على هذا المشروع الذي تقف ورائه سيدة بـ 100 رجل، رحل زوجها وهي ما زالت في فترة شبابها ربة منزل، لا تعلم شيئًا عن السوق والعمل في الشارع، "أنا كنت ست معززة مكرمة في بيتي عمري ما تخيلت أنزل أشتغل في الشارع أشتغل لكن يوم وفاة زوجي كان البيت فيه 20 جنيه فقررت أنزل اشتغل ومن يومها وأنا هنا". 

سر شوربة العدس

تحمل رائحة العدس والمكرونة دفء الأكل البيتي الذي لا يستطيع أن يفرق بينه وبين أكل المطاعم سوى "الأكيلة" وفقًا لوصف الست نعمة، يأتي إليها الزبائن من المناطق المجاورة ومن أماكن نائية أيضًا، فالطعام الطيب الممزوج بخفة روح الست نعمة يجعل الزبائن يتهافتون على العدس والكشري الذي تصنعه بأقل التكاليف، حتى أنه حين تصل الساعة إلى الواحدة ظهرا وربما قبل ذلك بقليل، يكون إناء الكشري الألومنيوم الكبير قد فرغ من محتوياته. 

 

بعد وفاة الزوج لم تجد الست نعمة في بيتها ما يكفي للإنفاق على أبنائها وبناتها، كانت في حاجة لأن تحصل على مصدر رزق يعينها على استكمال مسيرتهم التعليمية، والأب الذي كان يعمل صانع أحذية نسائية في إحدى الورش لم يكن له معاش أو تأمين أو اية أموال ثابتة تدر عليها ربحًا بوفاته.

 

"ولاد الحلال وإخواتي ساعدوني وكل حد قادر ساعدني في شراء الحلة وعربية حمص الشام وبدأت بحمص الشام، ومع الوقت توسعت وعمل عدس ومكرونة وكشري"، تريد الست نعمة أن توسع مشروعها وتأتي بعربة لصناعة وتجهيز الكبدة والسجق والبرجر، هي أيضا ماهرة في صناعة الطواجن بأنواعها، لذلك تحلم الفترة المقبلة أن يكبر مشروعها ويتوسع وأن تتمكن من زيارة بيت الله الحرام لتؤدي مناسك العمرة ولو مرة واحدة، فقط هذا ما تمنته الست نعمة حين سألناها بتحلمي بإيه يا حاجة نعمة؟!

عدس الحاجة نعمة بطعم "السعادة"

ضحكات السيدة التي تكشف عن وجه جميل الملامح طغى الشيب الكثير من ملامحه وصوتها الذي يحمل الأمارات الشعبية الأصيلة كإحدى قاطنات منطقة القلعة العتيقة، يلعب دوره الهام في جذب الزبائن إليها، تجلس حول كميات من الجزر التي تحضرها لطهي إناء العدس الكبير، تقترب منها لتشم رائحة الصلصة التي لا يعرف سرها إلا الست نعمة وابنتها الوسطى "إنجي" وأخوها سعيد، "الصلصة بتاعتي محدش يقدر يعمل زيها الزبون بيحبها على العدس والمكرونة والكشري"، رائحتها زكية وطيبة تضفي المزيد من التميز لطبق كشري الست نعمة.

الجريدة الرسمية