رئيس التحرير
عصام كامل

وعي فاروق جويدة !

فجأة.. يقدم الشاعر الكبير فاروق جويدة لمتابعيه على صفحات التواصل الاجتماعي صورة من داخل إحدى عربات السكك الحديدية تحمل فخامة كبيرة وكتب عليها ما يفيد أن الصورة من عهد الاحتلال البريطاني لمصر وما يؤكد إن كل شيء في الماضي كان أفضل! سيل من الدعم لكلام الشاعر الكبير وتجاوز المؤيدون العشرة آلاف ومئات من تكرار النشر نقلا عنه!

 

وفجأة هبت رياح عكسية تنشر الصورة الحقيقة وتفاصيلها ليثبت هؤلاء الواعون المدققون لم يشغلهم -كما فهمنا- أن الصورة ليست من مصر أصلا إنما صدمهم أن الرجل الذي يكتب أناشيد وطنيه لمصر وجيشها يطعن في نظامها الجمهوري الذي أسسه أبناء الجيش العظيم! في وقت تدور فيه المؤامرات ضد الجيوش الوطنية في المنطقة العربية كلها! وأن الرجل بقيمته ومقامه سار خلف مراهقي فيس بوك ولجانه الإلكترونية التي كتبت بكل آسي تاريخا مزيفا لبلادنا ولشعبنا فيها تبييض لعصر الاحتلال في سابقة تاريخية أن يتباهى شعب من الشعوب أو قطاع منه بزمن احتلال وطنه وهو ما لا يمكن أن نجده في أي بلد آخر! 

تزييف التاريخ

 

فضلا عن تزييف وقائع تاريخية لا أول لها ولا آخر.. كنا نداين بريطانيا علي خلاف الحقيقة.. فلا نعرف بلدا داين البلد الذي يحتله وابتلعه بكامله! وأن الاقتصاد المصري كان قويا قبل الثورة في حين لا يوجد اقتصاد بالمعني العلمي أصلا إنما أقل من أربعمائة شخص أغلبهم من الأجانب يحتكرون كل شيء في ظل بطالة تصل إلي خمسين في المائة، ولا ضمانات ضد أي شيء لموظفي الحكومة كان يطلقون عليهم "المستخدمين"! 

 

وأن العملة المصرية كانت أقوي من الدولار دون أن يكملوا ويقولوا إنها ظلت هكذا أكثر من ربع قرن بعد ثورة يوليو وأن الثورة ما أنجزته من تنمية في سنواتها العشر الأولى يعادل ضعف ما تحقق -تنمويا- في الأربعين عاما السابقة لها! وهكذا الكثير من صور التزييف !

 

 

غضب الكثيرون -وأغلبيتهم بالمناسبة من الشباب- من شاعرهم الكبير صحيا ومشروعا.. فالكاتب الكبير الذي تألق بلا وسطاء في أكبر مؤسسة صحفية في الوطن العربي وإفريقيا والشرق الأوسط حين كانت الموهبة مع السمعة مسوغات التعيين في الأماكن المهمة يتذكر جمال القاهرة والإسكندرية ويتذكر أيضا متي زحف القبح وزحفت الفوضى علي كل شيء وبما لا علاقة لثورة يوليو ولا أبناء الجيش العظيم به! 

 

نعترف إننا لم نصدق في البداية أنها صفحة فاروق جويدة.. ونعترف إننا صدمنا من إصراره على الخطأ.. وعدم الاعتراف به وعدم الاعتذار عنه! وبات السؤال: إذا كان فاروق جويدة يفعل ذلك. فماذا يفعل من تربوا ونشأوا وكبروا علي إعلام الجماعة؟! وفي ظل معركة للمجتمع نسميها جميعا "معركة الوعي"؟!

ولكن نعترف ونعترف بحجم الارتياح ونحن نري هذه الأعداد -وهذا هو الأهم لأنه يعني المستقبل- من شباب في العشرينيات من عمره يفهمون مغزي الصورة.. ولا يتوقفون عند ظاهرها.. فيدافعون عن وطنهم.. وعن تاريخهم.. يدافعون عن الحقيقة! 

الجريدة الرسمية