كل يوم كتاب
ما إن أطالع هذا العنوان، بارزا على صفحته المعتقة بالفكر وصنوف الأدب، إلا وأدرك أنني مقبل على مائدة عامرة، التهم عليها وجبة دسمة في أحد فروع المعرفة، مقدمة بعناية شديدة، وإيجاز احترافى بارع، اكتسبه من خبراته القرائية التى تقترب من عدد سنوات عمره التي افتتحت منذ شهور عامها الثاني والستين.
أحد شيوخ الصحافة الثقافية، الأستاذ محمد بركة، الذي قضى سنوات عمره مؤلفا للكتب، ومتبحرا بين ضفافها أيضا كقارئ، أنفق المال بلا أى تردد، من أجل المعرفة، فكانت السطور عشقه الفريد، ومكتبته الخشبية الكبيرة العتيقة ثروته الكبرى.
يقرأ من أجل غيره، فهناك من يرغبون فى القراءة ولكن لا يملكون أثمان الكتب، ومن ثم يختار كل يوم اصدارا جديدا، يقرأه، يغوص فى فكرته، ثم يقدمه لمتابعي صفحته في 500 كلمة موجزة، فجعل من صفحته قبلة ثقافية، ومكتبة خاصة لكل متابع تحمل كل جديد، وكون منها ذاكرة تاريخية شاهدة على روائع التراث فى كافة المجالات، ومرجعا مهما لأبناء مهنة الصحافة الراقية، فى فن عروض الكتب كما يجب أن يكون.
يثري الأستاذ محمد بركة وجدان متابعيه بأمهات الكتب، وتحف التراث الفريدة، ينفض الغبار عن عناوين توارت لظروف الزمن لكنها تستحق الإطلاع، يبسطها ويوجزها، فأشعل فى العقول جذوة المعرفة، ودفعنا لأن نعيد التفكير فى أهمية وجود مكتبة داخل كل بيت، تكون شاهدا على عصر يقاوم الإندثار، عصر الأدب الورقى، يتوارثها الابناء، ثم أبناء الأبناء، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
نموذج للمثقف الواعي الذى يقدم الفكر رغبة فى النفع العام، يخلد التراث، ويقدم مستخلصات العقول فى كبسولات موجزة، تفيد الاخرين، فدام كل قلم كتب حرفا، ووثق كلمات، فكان هدفه حب الناس بلا مقابل.
