فقه إدارة الوقت
هل تجاوزنا في إدارتنا لأوقاتنا قواعد العقل والمنطق؟ هل باتت الحياة بالنسبة لنا روتينا معتادا يقتل فيه كل يوم سلفه؟ هكذا يمضي بنا العمر من دون حساب أو ضبط؛ وأصبحنا الآن في حاجة ماسة إلى ما يمكن أن نسميه «فقه إدارة الوقت».
تائهون نحن في تقديرنا لتلك القيمة العظمى، فلم ندرك لها ثمنا ولم نعي بها بالا.. تسأل أحدهم عن موعد فيقول لك «على الظهيرة، آخر النهار، بدري، أول الشتاء، نهاية الصيف».. أو هكذا اعتدنا الحساب بعشوائية مفرطة، وحينما نضرب موعدا لانتظار أو لقاء مرتقب ونريد تحديدا أو دقة بالساعات والدقائق، نقول «نصف ساعة وأكون عندك»، ولنصف ساعة لدى أولئك الذين يهدرون الأوقات تأويلات وتفسيرات متعددة فمنهم من يضاعف النصف إلى الضعفين أو الثلاثة، ومنهم من يخلط بين نصف الساعة وربع اليوم.
يؤسفنا أكثر أن قيم ديننا الحنيف، جعلت من الوقت قيمة عظمى ومكانة عالية ويكفينا في ذلك قول الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم - صلى الله عليه وسلم على أهميته فقال: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ.
وقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَزُولُ قَدمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: عَنْ عُمُرُهِ فِيمَا أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ عَلِمهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ؟ إننا نستشعر قيمة الوقت أيضا في قوله تعالي { قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ } ويأتي الرد في القرآن الكريم: { قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ ٱلْعَآدِّينَ }.
خلاصة القول أننا أمام مسؤولية كبيرة على المستوى الفردي والجمعي فيما يتعلق بإدارة الوقت واستشعار قيمة الوقت، أمام الحديث اليومي عن أهمية العمل ومضاعفة الإنتاج، ففي تدبير الوقت واستثماره خير للدنيا والآخرة.. والله من وراء القصد.