الانتخابات لا تكفي لإنقاذ ليبيا!
قد يساعد مؤتمر باريس الذي يعقد غدا فى إنجاز الانتخابات الليبية فى موعدها المقرر نهاية الشهر المقبل فى مواجهة تحفظات الدبيبة وتهديدات المشرى، ولكنه الأغلب لن يساعد كثيرا فى تحقيق استقرار ليبيا الذى تنشده ويتطلع إليه الليبيون، لأن الانتخابات سوف تجرى فى ظل وجود مرتزقة مليشيات عسكرية متعددة متناحرة وقوات أجنبية..
ولعل لنا فيما حدث بالعراق عظة وعبرة.. فقد جرت الانتخابات ولكن لم يعترف بها الخاسرون فيها وخرجوا إلى الشوارع رافضين نتائجها وهددوا باستخدام أسلحتهم لمنع الفائزين من تشكيل الحكومة الجديدة، بل وتعرض رئيس الحكومة العراقى الحالى لمحاولة إغتيال بقصف منزله بطائرات مسيرة!
وحتى الآن ليس ثمة إرادة دولية حقيقية لسحب القوات الأجنبية وإخراج المرتزقة من ليبيا.. فإن الموقف الأمريكى الذى سكت على دخول القوات التركية الأراضى الليبية لمواجهة النفوذ الروسى العسكرى فيها لم يتغير كثيرا ولا يمارس أية ضغوط على تركيا لتسحب قواتها من ليبيا أو ترحل المرتزقة التى جاءت بهم لها.. وذات الشىء يتسم به الموقف الإيطالي والألماني أيضا.. وفرنسا تكاد تنفرد وحدها بموقف صارم فى هذا الأمر وإن كانت فى سبيل تشجيع الغرب والأمريكان على دعم خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا تطرح أفكارا بأن يتم ذلك بشكل تدريجى ولا تربطه بإجراء الانتخابات سواء الرئاسية أو البرلمانية.
المرتزقة وانتخابات ليبيا
وبالطبع لا يمكن استبعاد تأثير وجود هذه القوات الأجنبية والمرتزقة على مسار العملية الانتخابية في ليبيا، وبالتالى في نتائجها أيضا، خاصة نتائج الانتخابات البرلمانية التى سوف تتم في دوائر ومناطق تخضع لسيطرة الميليشيات المسلحة.. وهذه المليشيات المسلحة لو جاءت نتائج الانتخابات على غير هواها سوف تعرقل تشكيل الحكومة الجديدة، والأهم سوف تعرقل توحيد المؤسسات الليبية وعلى رأسها المؤسسة العسكرية.
ولذلك فإن نجاح مؤتمر باريس لا يقتصر فقط على دعم إجراء الانتخابات الليبية فى موعدها المحدد الشهر المقبل وإنما يشمل قبل ذلك تشكيل إرادة دولية تقضى بضرورة سحب القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا حتى تتهيأ الظروف الملائمة لتحقيق الاستقرار المنشود لها الذى يساعدها عَلى استعادة وحدتها وإعادة بناء دولتها الوطنية.