رئيس التحرير
عصام كامل

لعب تاريخى!

عرفنا من قبل القرار التاريخي، والعمل التاريخى، والموقف التاريخى، والإجراء التاريخى.. وأمورا أخرى كثيرة تاريخية.. فقد أفرطنا كثيرا فى وصف كل ما يعجبنا بالصفة التاريخية، حتى ملَّ التاريخ فى الأغلب منا حينما هان علينا لدرجة أننا صرنا ننسب إليه كل أمر نريد تفخيمه والإشادة به!.. لكن الجديد الآن أننا تمادينا في إسباغ وصف التاريخى على حتى اللعب.. وهكذا صرنا نقول هذه مباراة تاريخية، وهذا هدف تاريخى، بل وهذه تسديدة تاريخية حتى ولو تدخل المرمى، وكذلك هذه تمريرة تاريخية.. فضلا على المهاجم التاريخى والمدافع التاريخى وأيضًا حارس المرمى التاريخى! 

 

وبذلك ظلمنا التاريخ حينما أفرطنا في أن ننسب إليه كل ما يعجبنا ويطربنا وسعينا للإشادة به، حتى لم يعد وصف التاريخى يميز حقا بين القرارات والأفعال والمواقف المهمة والفاصلة والأخرى التى لا تتصف بالأهمية البالغة.. في البدء كان الأمر يقتصر فقط على المجال السياسى بين المتنافسين على خطب ود من بيدهم الأمر، لكنه الآن اتسع كثيرا ليستخدم وصفا تاريخيا في مجالات عديدة أخرى أحدثها المجال الرياضى!

 

 

ولا بأس بالطبع من المجاملة لمن نبغى ونريد، ولا مانع من الإفراط في الإشادة بالآخرين وأعمالهم وقراراتهم وتصرفاتهم وأقوالهم ومواقفهم.. لكن علينا فقط أن نرحم التاريخ  من الإفراط فى نسب الكثير إليه من الأعمال والتصرفات، متى فقدت صفة تاريخي معناها ودلالاتها، ولم تعد تصلح للتمييز بين ما هو شديد الأهمية من القرارات والأعمال والمواقف وما بين الأقل أهميةَ أو حتى ما هو عادى منها.

 

لقد تعلمنا ونحن طلابا أن الناجحين منهم من هو ممتاز ومنهم من هو جيد جدا، ومنهم أيضا من هو جيد فقط، ومنهم كذلك من هو مقبول فقط.. لكننا الآن نعتبر كل ما هو ناجح ممتاز عندما نسبغ عليه وصف التاريخى، وهذا أمر لا يستقيم!

الجريدة الرسمية