أجرها عند الله كبير!
ما من شك أن للكلمة خطورة ما بعدها خطورة، فكما قال كاتبنا الكبير عبد الرحمن الشرقاوي عن الكلمة: (مفتاح الجنة في كلمة، دخول النار على كلمة، وقضاء الله هو الكلمة، الكلمة لو تعرف حرمة زاد مزخور، الكلمة نور.. وبعض الكلمات قبور، وبعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشرى، الكلمة فرقان بين نبي وبغي، بالكلمة تنكشف الغمة، الكلمة نور، ودليل تتبعه الأمة).
الكلمة اللينة تفتح مغاليق القلوب، وتقضى الحوائج، وتأسر القلوب، وتشرح الصدور، وتذلل الصعاب. الكلمة أمانة ثقيلة ورسالة مقدسة رفعت «القلم» لمكانة سامية، فأقسم الله به في مطلع سورة سماها العلي الحكيم باسمه تشريفًا وتعظيمًا؛ تلك الأمانة دائمًا ما يطالب الرئيس السيسي أصحابها بأن يراعوا الله فيها ما استطاعوا؛ فأجرها عن الله كبير..
وليست الكلمة فقط حروفًا مكتوبة في صحيفة، ولا حروفًا منطوقة تجري على ألسنة المذيعين وضيوفهم، بل هي كل قول ينطق به داعية أو مفكر أو نخبة أو ساسة معارضة أو موالاة، وكل صاحب تأثير في مواقع التواصل الاجتماعي بشتى صورها.. وما أخطر أثرها فى الفضاء المفتوح.
الرأي أيا ما كان صاحبه أمانة أخلاقية.. والقلم رسالة قبل أن يكون وظيفة أو أكل عيش.. وإذا كانت القدم تترك أثرًا على الأرض كما يقول المثل، فإن لسانك يترك أثرًا في القلب والعقل والوجدان.. ورب كلمة ألقاها صاحبها دون أن يلقى لها بالًا فتحدث تأثيرا مدويًا، وربما يهوى بها في النار سبعين خريفًا، كما قال سيد الخلق، الذي يحضرني ما قاله للصحابي الجليل معاذ بن جبل وهو يوصيه بمراقبة لسانه؛ لأنه الباب إلى كثير من المعاصي، فأخذ بلسانه صلى الله عليه وسلم، ثم قال: "كف عليك هذا". فقال معاذ بن جبل: يا نبى اللهِ، وإِنَّا لمؤاخَذونَ بما نتَكلَّمُ بِه؟ فقال رسول الله: "ثَكلتكَ أمُّكَ يا معاذُ، وَهل يَكبُّ النَّاسَ في النَّارِ علَى وجوهِهِم، أو علَى مناخرِهم، إلَّا حصائدُ ألسنتِهم؟!". رواه الترمذي.