123.. قمة "إسعاف" الرياضة
يمكن اعتبار الأخلاق بمثابة القواعد التي يحاول المجتمع من خلالها أن يشجع أفراده على الالتزام بالسلوكيات التي تضمن ازدهاره، فهي الخطوة الأولى للحفاظ على أمن المجتمع قبل الاحتياج إلى تطبيق القوانين.. فكلمة عيب للتنبيه تأتي قبل كلمة جريمة التي تستوجب العقاب. والأخلاق تتفق مع القوانين في أن كليهما قابل للتغير مع الزمن، وفق احتياجات المجتمع، حيث تتأقلم النظم الأخلاقية لتتوافق مع النظم الاقتصادية والبيئية وغيرها لتحقق النتيجة المطلوبة وهي أمن وازدهار المجتمع.
ولكن أيًا كانت التغيرات الاقتصادية والثقافية والتطورات التكنولوجية التي حلت على مجتمعنا فإنها لا تبرر وصول الأخلاق إلى هذا المستوى المتدنى لدى البعض الذين بات لديهم اعتقاد خاطئ بقدرتهم على الإساءة للآخرين دون رادع.. ويمكن أن تميز هؤلاء كلما جاء حدث جدلي، انقسم الجمهور المتابع له إلى فريقين، مثلما شاهدنا بالأمس مباراة الأهلي والزمالك.. ففي القمة 123، الذي يتصادف بإنه رقم "الإسعاف"، نحتاج إلى إسعافات أولية للمنافسة الرياضية لتعود إلى طبيعتها بدلًا من التعصب الجماهيري.
خطورة المكايدة الرياضية
في غياب الأخلاق وعدم الخوف من القانون يتحول البعض إلى وحوش لا يردعهم أحد.. تابع ما حدث من البعض، عبر المواقع الاجتماعية، لتجد أن هؤلاء يعتقدون بقدرتهم على توجيه الإهانات والإساءات إلى أي شخص دون عقاب حتى تحولت هذه المواقع إلى أبواب "المراحيض العامة" التي يكتب أحدهم عليها ما يشاء دون وازع أخلاقي أو خوف من القانون!
غرقت المواقع الاجتماعية بالأمس في نوبات من السخرية والمكايدات الرياضية و"التحفيل" و"الكوميكس" بين مشجعي الفريقين وهي جزء من متعة كرة القدم يمكن تفهمه وقبوله ولكن الخطورة تكمن في أن يتحول التشجيع إلى إهانات تنقل الحس التنافسي المعتاد إلى مرحلة أخطر بعد أن تتم تغذيته بسلوكيات خاطئة من البعض الذين دأبوا على إشعال الفتن وافتعال الأزمات الرياضية عبر برامج تليفزيونية وإذاعية أو تصريحات غير منضبطة.
شاهدنا المباراة بالأمس وقد انقطع الصوت عن الجماهير عدة مرات نظرًا لترديدها الشتائم في حق المنافس.. التعصب الجماهيري ظاهرة لا تخص مصر وحدها بل تعاني منها دول العالم المختلفة مثلما شاهدنا أحداث الشغب بين المنتخب الإنجليزي والإيطالي في نهائيات يورو 2020. ولا نحتاج أن ننتظر حتى نشاهد –لا قدر الله- أحداث شغب في المباريات الرياضية المصرية لذلك على الدولة أن تقوم بدورها في التوعية بأهمية الحفاظ على آداب وتقاليد المنافسة حتى لا تتحول المكايدة الرياضية المعتادة إلى محاولات لتهديد السلم الاجتماعي.