رئيس التحرير
عصام كامل

كيف تدمر أفكار «الحاكمية» الإخوان من الداخل؟ ‏

إبراهيم منير ومحمود
إبراهيم منير ومحمود حسين

منذ تسعة أعوام تولى الإخوان الحكم في كل بلدان المنطقة، لكنهم لم يستوعبوا حركة التاريخ والهبة الشعبية المطالبة بالحقوق ‏الإنسانية والكرامة والديمقراطية، سواء لأهدافهم وأطماعهم، أو لسوء البنية الفكرية للتنظيم، التي تزعم أنها وحدها المؤهلة للحكم بأسس الدين والشرع ‏حسب منطق الحاكمية الذي أسس له في التنظيم سيد قطب.‏

خسائر الإخوان من الحاكمية 

خسرت الإخوان كل شيء بسبب محاولتها تأميم الدين لحسابها الشخصي، لكن الدائرة انقلبت عليها في الصراعات المشتعلة الآن ‏بين القيادات التاريخية في التنظيم، حيث يزعم كل طرف أنه صاحب الحق المطلق في فرض رؤيته على النزاع، ولا يرضى ‏بالانصياع للديمقراطية التي لامكان لها في تصورات التنظيم وأفراده.  ‏

يقول الدكتور جمال سند الكاتب، الباحث ومدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث إن جماعة الإخوان لم تستطع ‏البقاء في ‏الحكم بمصر لأكثر من عام واحد خلال الفترة من ٣٠ يونيو ٢٠١٢ حتى ٣ يوليو ٢٠١٣، وتعرضت ‏لانكشاف شعبي غير ‏مسبوق في تاريخها الذي يعود إلى عام ١٩٢٨.‏

وأشار سند إلى أن الإخوان لجأت إلى العنف والتطرف في كثير من الأحيان وهنا تكمن خطورة الجماعة، فالمسألة لا تتعلق ‏بمناقشة ‏أفكار عقيدية وقبولها كليًّا أو جزئيًّا، بل تنظيم يستدعي العنف كلما فشلت السلمية في تحقيق طموحاته. ‏

وعن فشل الجماعة حاليا في تسوية أزماتها الداخلية، أكد مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث، أنه لا جديد في ‏هذا ‏الأمر، حيث سبق للجماعة الفشل بشكل ذريع في مصر وتونس والمغرب لأسباب تتصل بعدم امتلاك هذه الجماعة أي برامج ‏أو ‏مشروعات تنموية حقيقية تلبي احتياجات الشعب.‏

واختتم: كل حدث للإخوان وسيحدث لها بسبب التفسير الخاطئ لمفهوم الحاكمية، الذي كان لسيد قطب دور أساسي في ‏ترسيخه ‏حتى أصبح من أكثر ما يكشف الهدف الحقيقي لفكر الإخوان وتسبب في نكبتها داخليًّا وخارجيًّا. ‏

صراعات جبهات الإخوان ‏

وكانت الأيام الماضية شهدت صراعًا داميًا ‏أظهر ‏على ‏السطح ‏ما ‏كان ‏يدور ‏في  ‏الخفاء ‏طوال ‏الأشهر ‏الماضية ‏داخل ‏جماعة ‏الإخوان، ‏وبرزت ‏مؤشرات ‏محاولة ‏انقلاب ‏تاريخية ‏من ‏الأمين ‏الأسبق ‏للجماعة ‏محمود ‏حسين، على ‏إبراهيم ‏منير، ‏القائم ‏الحالي بأعمال ‏مرشد ‏الإخوان، ‏بسبب ‏إلغاء ‏منصب ‏الأمين ‏العام الذي كان ‏يحتله ‏حسين ‏منذ سنوات ‏طويلة.  ‏

تجريد محمود حسين من كل ‏امتيازاته، ‏دعاه ‏هو ‏ورجاله ‏للتمرد ‏والاستمرار ‏في ‏مواقعهم ‏بدعوى ‏حماية ‏الجماعة ‏والحفاظ ‏عليها، ‏وهو نفس ‏المبرر ‏الذي ‏دعاه ‏لرفض ‏سبع ‏مبادرات ‏فردية، ‏كما ‏رفض ‏المبادرات ‏العشر ‏التي ‏قدمت ‏في ‏عام ‏‏٢٠١٦ ‏من ‏القرضاوي ‏والشباب ‏وغيرهم ‏تعسفًا ورفضًا لأي ‏تغيير.‏

مصادر تمويل الإخوان‏

وعلى جانب آخر، تحرك إبراهيم ‏منير، ‏المدعوم ‏من ‏القيادات ‏الشابة ‏بالجماعة ‏ومصادر ‏التمويل، ‏وأطلق ‏العنان ‏لرصد ‏كل ‏انتهاكات ‏الحرس القديم، ‏الذين ‏أداروا ‏الإخوان ‏طيلة ‏السنوات ‏السبع ‏العجاف ‏الماضية، ‏ورفض ‏منير ‏ما ‏أعلنته ‏رابطة ‏الإخوان بتركيا، ‏وأعلن تمسكه ‏بنتائج ‏الإنتخابات، ‏وأحال ‏‏6 ‏من ‏قيادات ‏الجماعة ‏على ‏رأسهم ‏محمود ‏حسين ‏للتحقيق، ‏بسبب ‏رفضهم تسليم مهامهم ‏للمكتب ‏المشكل ‏حديثًا، ‏الذي ‏أصبح ‏لأول ‏مرة ‏تابعا له، بعد ‏أن كان ‏جزيرة ‏منعزلة عن ‏التنظيم ‏منذ ‏عام ‏‏2014. ‏

وبعد رفض القيادات المثول للتحقيق واستمرارهم ‏في ‏الحشد ‏لعزل ‏منير، ‏أصدر ‏قرارًا ‏جديدًا ‏بطرد ‏قادة ‏التمرد ‏من ‏الجماعة، ‏في ‏محاولة لإنهاء فصل من ‏فصول ‏الصراع ‏الداخلي ‏للإخوان، ‏الذي ‏صاحب ‏التنظيم ‏طوال ‏تاريخه ‏ولا ‏يزال ‏مستمرًّا ‏حتى ‏الآن، لكن ‏القيادات المعارضة ‏لمنير ‏نجحت حتى الآن في ‏فرض ‏رؤيتها ‏على ‏الجماعة، ‏وما ‏زال ‏الموقف ‏معلقًا ولم يحسم لأي من الطرفين.‏

الجريدة الرسمية