هل يدفع آبي أحمد ثمن العجرفة السياسية مع مصر وبلدان المنطقة؟
يبدو أن رئيس الوزراء الإثيوبي «آبي أحمد» سيدفع ثمن العجرفة السياسية التي أدار بها أزمته مع مصر والسودان، فالرجل القادم من دهاليز المخابرات وجد في التعامل بعقلية انتقامية واستعلاء غير مستند على أي من مصادر القوة خلال السنوات الماضية شعبية واسعة للصدام مع قوى كبرى في المنطقة بحجم مصر، ومع دول محورية بالعالم مثل الولايات المتحدة الأمريكية فاتخذ من هذه الطريقة الساذجة عنوان له.
فشل آبي أحمد في فهم الفروق بين المواقف المسؤولة للدول الكبرى، التي تحسب كل خطوة بعناية، ولا تقبل على أي تصعيد مضاد إلا بقياسات دقيقة للغاية، ولهذا تعاملت مع أسلوبه المنفر في إدارة الأزمة بحكمة أوسع من حدود معرفته السياسية، فتصور أن التصعيد دائما سيأتي له بشعبية ومكاسب أخرى، لكنه وقع في مصيدة قوات إقليم تيجراي التي جرته إلى حرب أهلية فشل في إدارتها فأصبحت قوات الإقليم على حدود العاصمة أديس أبابا وتتأهب لاقتحامها.
فخ سد النهضة
تصور آبي أحمد أنه استطاع فرض إرادته على العالم بعد بناء سد النهضة واستكمال مراحل الملء بالرغم من التحذيرات الدولية والإقليمية لما قد تسببه الخطوة من أزمات كبرى للأمن والسلم الدوليين، لكنه استمر في عناده وغطرسته وامتدت طريقته العدوانية للتعامل مع الموازين الداخلية وإقليم التيجراي، الذي كان أحد الأضلاع الأساسية للسلطة في إثيوبيا، قبل أن يحاول آبي أحمد تجريده من كل شيء واستباحة كرامته، ليُدخل البلاد في واحدة من أعنف دوامات الحرب الأهلية التي عرفها التاريخ الإثيوبي.
يقول الدكتور سمير فاضل، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، إن التحالف العسكري الذي تشكل في أثيوبيا من القوميات التي تعارض حكومة آبي أحمد ونظمت قدراتها ما ممهد لها الطريق للاقتراب من العاصمة أديس أبابا.
وأضاف: المعارضة الآن على بعد ٣٠٠ كيلومتر من السيطرة على العاصمة، لافتا إلى أن إسقاط آبي أحمد في إثيوبيا أصبح مسألة وقت فقط، وما يؤكد ذلك دعوته المضطربة لشعب أديس أبابا للدفاع عنها بأي أسلحة لديهم.
وأشار أستاذ التاريخ المعاصر إلى أن أثيوبيا خلال فترة قصيرة جدا سوف تشهد حرب أهلية تزيد من مشاكل الشعب الأثيوبي، مؤكدًا أن مسارات الأحداث تؤكد أن انهيار قوات ابي أحمد لن تصمد أمام هذه الحشور الجارفة، بعد أن تفنن في خسارة الدعم السياسي القادم له من الدول الأوربية وأمريكا على مدار السنوات الماضية.
أمريكا تحذر رعاياها من أثيوبيا
كانت الولايات المتحدة الأمريكية دعت رعاياها في إثيوبيا لمغادرة البلاد، في ظل تردي الوضع الأمني في البلد، وجاءت الدعوة الأمريكية بسبب المواجهات العسكرية بين جبهة تحرير إقليم تيجراي الإثيوبي والقوات الحكومية في البلاد، بعد دعوتها لطرفي النزاع في إثيوبيا إلى الحوار والتوقف عن انتهاكات حقوق الإنسان.
إثيوبيا تعلن حالة الطوارئ
وذكر بيان للسفارة الأمريكية في العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، أن البيئة الأمنية في إثيوبيا تراجعت وتدهورت بشكل كبير خلال الأيام القليلة الماضية، خاصة في ظل استمرار تصعيد النزاع المسلح والاضطرابات المدنية في ولايات أمهرة وعفر وتيجراي.
وأكد البيان الأمريكي أنه تم تقييد جزء كبير من الطريق السريع A2، وهو الذي يربط بين العاصمة أديس أبابا والمدن الواقعة إلى الشمال الإثيوبي، من قبل السلطات الفيدرالية في البلاد، وهو ما أدى إلى اضطرابات والمسافرين الذين تقطعت بهم السبل، فضلا عن بيئة سفر غير مسموح بها بوجه عام.
وشدد البيان الأمريكي على الحظر على موظفي السفارة الأمريكية في أديس أبابا، السفر خارج حدود المدينة نفسها، مقترحا، وبقوة، إعادة المواطنين الأمريكيين النظر بجدية في السفر إلى إثيوبيا، مع تفكير أولئك الموجودين، في الفترة الراهنة، في إثيوبيا في اتخاذ الاستعدادات اللازمة لمغادرة البلاد.
كان مجلس الوزراء الإثيوبي أعلن حالة الطوارئ في كل أنحاء البلاد بعدما سيطر متمردو جبهة تحرير شعب تيجراي على مدينتين رئيسيتين، في محاولة للتقدم نحو العاصمة على ما يبدو، كما أفادت وسائل إعلام رسمية.
وزعم مجلس الوزراء أن "حالة الطوارئ تهدف إلى حماية المدنيين من جماعة جبهة تحرير شعب تيجراي في أجزاء عدة من البلاد، ودعت سلطات العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، السكان للاستعداد للدفاع عن الأحياء التي يقيمون فيها، بعد أن أشارت القوات المتمردة في إقليم تيجراي، بشمال البلاد، والتي تقاتل الحكومة المركزية منذ عام، إلى أنها قد تزحف صوب المدينة.