حادث الإسماعيلية.. الموضوع كبير!
إن كانت الاتهامات المتداولة في حادث الإسماعيلية من خيانة الضحية للجاني فهذه كارثة.. وإن كانت الاتهامات كاذبة لتبرير الجريمة التي تمت لأسباب أخري فهذه أيضا كارثة.. والحل أمام ذلك أن نلتزم التزاما صارما بالقواعد المهنية وأن نترك الأمر كله لجهات التحقيق لكن ذلك لا يمنع من التوقف عند شكل ونوع وسبب أغلب جرائم السنوات الأخيرة.. ونعرف أن القتل -طبعا- موجود منذ الخلق الأول.. والعنف موجود منذئذ كذلك.. والجريمة الجنائية في مصر موجودة أيضا علي الدوام ففي مصر بشر وليس ملائكة.. إنما الذي نتوقف عنده.. ويجب أن نتوقف عنده.. إن كل الاستثناءات تحولت أصلا..
العنف الشديد في الجرائم ربما كان من نصف قرن ويزيد إستثناءا لافتا تجري خلفه الصحف ووسائل الإعلام.. اليوم صار عاديا ومكررا وهو الأصل في الجرائم.. الذبح والإتفاق عليه والقصد فيه والتربص له.. القسوة والبشاعة من قتل وتمزيق الضحايا وأحيانا رمي الأشلاء علي أكثر من مكان.. كذلك قتل ذوي الرحم من الأبناء لآبائهم والعكس.. وقتل الأبناء دعما لعلاقات غير مشروعة.. والقتل خوفا من الفضيحة.. والقتل لأتفه الأسباب.. وكذلك إهمال بعض النوبتجيات في بعض الأقسام للبلاغات المقدمة مما يجعل البعض يعتمد علي نفسه في الحصول علي حقه.. وهذا أصلا علي خلاف التعليمات وآخرها من رئيس الجمهورية علنا وقبل أيام !!
صراع اجتماعي
استبعاد مشاهد العنف من أفلام العشرين عاما الأخيرة لا يصح.. كما أن تحميلها وحدها المسئولية لا يصح.. الموضوع أعمق بكثير جدا.. يتصل بمصر التي كانت تأكل وتشرب وتلبس وتضحك وتحزن وتفرح بشكل متشابه.. الكل في واحد.. وقبل أكثر من أربعين عاما صار الواحد أهم من الكل.. إنطلق الصراع الإجتماعي مع الإنفتاح وتطلب ذلك السفر للخارج لتحسين الوضع الإجتماعي ومن لم يستطع السفر سعي للتوازن بصور غير مشروعه ويوم بعد آخر تشكلت طبقات وطبقات..
لم يعد الجميع يصطاف في الإسكندرية ورأس البر بل رحلت هذه الطبقات لتؤسس لنفسها عوالمها وجزء منها ما يسعد الأمزجة وغيرها وعرفت بلادنا أنواع جديدة من المخدرات وصار لكل منها سوقا وعملاء وإتسعت دائرة التعاطي مع ظواهر أخري كتأخر سن الزواج وغيرها من ظواهر..
وبدأت السينما تعكس الواقع الجديد وتبالغ فيه وفئات علي الهامش تجد في الخروج علي القانون فرص التواجد الوحيدة في الحياة، حيث لا يجد هؤلاء ما يخسرونه، وبقيت الدائرة الجهنمية السابقة تغزي نفسها! مع تراجع التعليم والثقافة وكل فرص تهذيب العقل والنفس.. ولم يعد العمل أصلا معيارا للإعتبار الإجتماعي ولا الشهادات إنما "القرش".. وصار المثل شائعا لنعود إلي حيث بدأنا.. الإنفتاح الذي يستهتر بتأثيره البعض.. ومعاك قرش تسوي قرش! حتي وصلنا إلي اليوم!
الموضوع كبير.. جدا! بكل آسي..وأسف!
