أولجا.. وأوجاع بيكاسو!!
كان للمرأة دور فاعل في حياة الفنان بابلو بيكاسو فقد كانت فرناند أوليفيه رفيقة دربه في المرحلة الفنية الزرقاء، ومصدر إلهامه، ومديرة شئون منزله، وقد شهدت معه أصعب سنوات الكفاح يوم كان يجهل باريس كما كانت باريس تجهله.. لكن بيكاسو الذي هطلت عليه الشهرة والثراء يودع فرناند أوليفية كما يودع الفقر ليتجه بعواطفه صوب إيفا جويل التي كان لوفاتها بعد ذلك أثر محزن على حياة الفنان وأعماله..
ويشاء القدر أن يتزوج بيكاسو تحت وطأة الأحزان من أولجا كو كلوف التي حولت حياة الفنان إلى عذاب بغيرتها وشكوكها، وقد انعكس هذا الشقاء على لوحاته وسلوكه حتى أصبح حبيس مرسمه، وكانت لا تدع فرصة للنيل منه إلا استغلتها.. وأمام هذه العواصف لم يملك بيكاسو إلا أن يتوقف عن الرسم والاستسلام لأحزانه حتى تمكن أخيرا من الخلاص منها، وإن ظلت بعد ذلك سنوات تلاحقه في كل مكان لتمطر على مسامعه أبشع أنواع الشتائم والسباب..
وتأتي بعد أولجا، ماري تيريز، ثم فرانسواز جيلو، تلك الزوجة التي عانت كثيرا من بوهيمية الفنان وتقلب مزاجه حتى أنها بعد طلاقها منه قامت بتأليف كتاب عن حياتها معه واصفة بيكاسو بالشيطان.. وتأتي بعدها دورامارا لكن بيكاسو يلقي مرساته أخيرا ليستقر بمركبه الذي تاه طويلا على شواطئ جاكلين روك بعد رحلة طويلة مع الحب مليئة بالعواصف والأعاصير ليسكن أخيرا في أحضانها رغم فارق السن الذي وصل إلى نصف قرن.