قاهر الظلام طه حسين.. هؤلاء انتقدوه وكفروه وهكذا دافع عنه آخرون
هو قاهر الظلام وعميد الأدب العربي، الكاتب والأديب الراحل طه حسين، الذي تمر اليوم الذكرى الـ48 على رحيله، فقد توفي في 28 أكتوبر 1973، بعد حرب أكتوبر بأيام قليلة.
الأديب الراحل طه حسين أحد أهم وأبرز الداعين إلى النهضة الأدبية، وعمل على الكتابة بأسلوب سهل واضح مع المحافظة على مفردات اللغة وقواعدها، ولقد أثارت آراؤه الكثيرين كما وجهت له العديد من الاتهامات.
معارضات طه حسين
لم تثني تلك المعارضات والإتهامات ما أخده طه حسين على نفسه من عهد لإكمال مسيرة التصحيح الأدبية فاستمر في دعوته للتجديد والتحديث، فقام بتقديم العديد من الآراء التي تميزت بالجرأة الشديدة والصراحة فقد أخذ على المحيطين به ومن الأسلاف من المفكرين والأدباء طرقهم التقليدية في تدريس الأدب العربي، وضعف مستوى التدريس في المدارس الحكومية، ومدرسة القضاء وغيرها، كما دعا إلى أهمية توضيح النصوص العربية الأدبية للطلاب، هذا بالإضافة لأهمية إعداد المعلمين الذين يقومون بتدريس اللغة العربية، والأدب ليكونوا على قدر كبير من التمكن والثقافة بالإضافة لاتباع المنهج التجديدي، وعدم التمسك بالشكل التقليدي في التدريس.
من بين تلك المعارضات التي واجهها طه حسين في حياته تلك التي كانت عندما قام بنشر كتابه «الشعر الجاهلي» فقد أثار هذا الكتاب ضجة كبيرة، والكثير من الآراء المعارضة، وهو الأمر الذي توقعه طه حسين، وكان يعلم جيدًا ما سوف يحدثه.
كتاب الشعر الجاهلي
وبالفعل استهل مقدمة كتابه في البداية قائلًا: «هذا نحو من البحث عن تاريخ الشعر العربي جديد لم يألفه الناس عندنا من قبل، وأكاد أثق بأن فريقا منهم سيلقونه ساخطين عليه، وبأن فريقا آخر سيزورون عنه ازورارا. ولكني على سخط أولئك وازورار هؤلاء أريد أن أذيع هذا البحث أو بعبارة أصح أريد أن أقيده فقد أذعته قبل اليوم حين تحدثت به إلى طلابي في الجامعة وليس سرا ما تتحدث به إلى أكثر من مائتين، ولقد اقتنعت بنتائج هذا البحث اقتناعا ما أعرف أني شعرت بمثله في تلك المواقف المختلفة التي وقفتها من تاريخ الأدب العربي، وهذا الاقتناع القوي هو الذي يحملني على تقييد هذا البحث ونشره في هذه الفصول غير حافل بسخط الساخط ولا مكترث بازورار المزور وأنا مطمئن إلى أن هذا البحث وإن أسخط قوما وشق على آخرين فسيرضي هذه الطائفة القليلة من المستنيرين الذين هم في حقيقة الأمر عدة المستقبل وقوام النهضة الحديثة، وزخر الأدب الجديد».
معارك طه حسين
ولم تقتصر المعارضات والاتهامات التي واجهها طه حسين بسبب آراوؤه الأدبية، بل وصلت إلى حد التكفير والاتهام بالإلحاد بسبب مواقفه، والتي من بينها دعوته إلى الأَوْرَبة، كما أخذ عليه قوله بانعدام وجود دليل على وجود النبيين إبراهيم إسماعيل فضلا عن زيارتهما الحجاز ورفعهم الكعبة سالكًا بذلك المنهج الديكارتي في التشكيك، ويقول في هذا الصدد طه حسين: «للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل وللقرآن أن يحدثنا عنهما ولكن هذا لا يكفي لصحة وجودهما التاريخي»، كما اُنتقد لمساندته عبد الحميد بخيت أمام الأزهر في فتوى جواز الإفطار في نهار رمضان لمن يجد أدنى مشقة، فاتهم بالتكفير والإلحاد.
مصطفى صادق الرافعي
وكان في مقدمة المعارضين لطه حسين، مصطفى صادق الرافعي الذي قام بتأليف كتاب سماه تحت راية القرآن للرد على كتاب في الشعر الجاهلي وألف كذلك بين القديم والجديد للرد على كتاب ألفه طه حسين وهو مستقبل الثقافة في مصر وعلى كتاب سلامة موسى المدعو اليوم والغد.
وقد صنف إبراهيم عوض مؤلفًا جمع فيه أقوال النقاد والمؤرخين سماه «معركة الشعر الجاهلي بين الرافعي وطه حسين».
كما رد عليه وائل حافظ خلف في كتابه الذي أسماه «مجمع البحرين في المحاكمة بين الرافعي وطه حسين»، وألمح في آخر بحثه إلى أن طه حسين قد رجع بعدُ عن رأيه في الشعر الجاهلي بمقالة كتبها، مستدلًا بقول العلامة محمود محمد شاكر في «رسالة في الطريق إلى ثقافتنا»: «قد بينت في بعض مقالاتي أن الدكتور طه قد رجع عن أقواله التي قالها في الشعر الجاهلي، بهذا الذي كتبه، وببعض ما صارحني به بعد ذلك، وصارح به آخرين، من رجوعه عن هذه الأقوال ولكنه لم يكتب شيئا صريحًا يتبرأ به مما قال أو كتب وهكذا كانت عادة «الأساتذة الكبار»! يخطئون في العلن، ويتبرأون من خطئهم في السر!!».
الدفاع عن طه حسين
وعلى النقيض قال عنه عباس محمود العقاد إنه «رجل جريء العقل مفطور على المناجزة، والتحدي» فاستطاع بذلك نقل الحراك الثقافي بين القديم والحديث من دائرته الضيقة التي كان عليها إلى مستوى أوسع وأرحب بكثير.
وقال عنه الدكتور إبراهيم مدكور اعتد تجربة الرأي وتحكيم العقل استنكر التسليم المطلق ودعا إلى البحث والتحري بل إلى الشك والمعارضة وأدخل المنهج النقدي في ميادين لم يكن مسلَّمًا من قبل أن يطبق فيها وأدخل في الكتابة والتعبير لونًا عذبًا من الأداء الفني حاكاه فيه كثير من الكتاب وأضحى عميدَ الأدب العربي بغير منازع في العالم العربي جميعه وأنتج له عمل باسم مسلسل الأيام قام بدور البطولة الفنان الراحل أحمد زكي.