جمهورية جديدة بلا طوارئ
القرار الذى أعلنه الرئيس السيسى بإلغاء مد حالة الطوارئ فى جميع أنحاء البلاد يعد بحق حجر الأساس للجمهورية الجديدة التى بشرنا بها الرئيس من قبل وتصور البعض خطأ إنها تقتصر على بداية العمل في العاصمة الجديدة، رغم أنه كانت ثمة مؤشرات تشي بأن هذه الجمهورية ستكون جديدة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وليست معمارية فقط، وأن هذه الجمهورية الجديدة ستكون مختلفة عما سبقها، وسيتم الاستجابة فيها لمطالب شعبية في شتى المجالات، وخاصة فى المجال السياسى.
فمنذ أن تولى الرئيس السيسى مسئولية رئاسة الجمهورية وهو يشدد على دولة المواطنة، التى يحظى فيها المواطنون بالمساواة الكاملة، وإن اختلفوا في الجنس أو الدين أو اللون أو الحالة البدنية، أو الإنتماء الإجتماعى والعرقى والسياسى.. وقد اتخذ الرئيس السيسي وإدارته عددا من القرارات التى تؤكد ذلك، خاصة فيما يتعلق بالعلاقة بين المسلمين والمسيحيين..
ثم تبنى الرئيس السيسى مبادرة حياة كريمة لمساندة أهل الريف الذين يزيد عددهم على نصف سكان البلاد، بل وفيما بعد طور الرئيس السيسي هذه المبادرة لتتحول إلى مشروع قومى كبير وضخم لتطوير الريف المصرى بكل قراها البالغ عددها ٤٥٠٠ قرية وكل توابعها البالغ عددها نحو ثلاثين ألف تابع.. وهذا يسهم بشكل مباشر في مكافحة الفقر الذى يتركز في الريف المصرى، خاصة ريف الوجه القبلى.. ومكافحة الفقر خطوة مهمة وضرورية لا غنى عنها لحصول المواطنين على حقوقهم السياسية وممارسة هذه الحقوق.
إلغاء حالة الطوارئ
ومؤخرا دشن الرئيس السيسي إعلان الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى جمعت ما بين الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية ولا تقايض أحداهما بالأخرى كما جرى لسنوات طويلة.. وألزمت هذه الإسترتيجية كل مؤسسات الدولة بتنفيذها فى غضون خمس سنوات.. وهذه هى المرة الأولى في تاريخ الدولة المصرية الحديثة التى تلزم فيها إدارة ما للبلاد بتنفيذ عملية التحول الديمقراطي في أجل محدد وليس بعيدا بل فى غضون بضعة سنوات قليلة فقط تتساوى مع فترة إنتخاب المجالس النيابية في بلادنا.
ورغم ذلك كله فإن قرار الرئيس السيسى الجديد بإلغاء فرض حالة الطوارىء في البلاد كان بمثابة المفاجأة السارة للمصريين الذين أغلبهم ولدوا وشبوا وهم يعيشون حالة طوارئ مستمرة لا تنقطع.. ولذلك عندما يلغى الرئيس السيسي حالة الطوارئ فإنه يتجاوز كل هذه المبررات التى كانت تقال من قبل البعض للإبقاء على تلك الحالة الاستثنائية، ولكى يفتح الباب على مصراعية لإتخاذ المزيد من الخطوات والإجراءات التى تدفع بعملية التحول الديمقراطي في البلاد.. ولكى يرسخ معنى الجمهورية الجديدة الذى كان يقصده وهو يعلن عن ميلاد هذه الجمهورية التى تعلى مبدأ المواطنة والمساواة بين المواطنين أمام القانون، وهو المبدأ الذى ينبثق عنه حقوقا عديدة حددها الدستور تفصيلا فى بابه الأول، وإلتزمت بها الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى جمعت ما بين الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
الحياة الكريمة
وبهذا المعنى فإن هذه الخطوة المهمة للرئيس السيسى تعد هى حجر الأساس لجمهوريتنا الجديدة التى نتطلع إليها.. تلك الجمهورية التى يعيش فيها المصريون جميعا، وليس أهل الريف فقط، حياة كريمة.. حياة كريمة بمعناها الشامل الذى يتوفر فيه مستوى معيشى مناسب يوفر للمصريين جميعا احتياجاتهم الاساسية من الغذاء والكساء والمسكن الآمن واللائق وكل الخدمات الاساسية من مياه شرب نظيفة وصرف صحى آمن وكهرباء وطاقة وصحة وتعليم.. وأيضا الذى يتحقق فيه مبدأ المواطنة بكل الحقوق المنبثقة عنه.. وكذلك العدالة الإجتماعية التى تصون إستقرار المجتمع وتماسكه فى مواجهة كل التحديات الداخلية والخارجية..
فالحياة الكريمة التى ننشدها لا تقتصر فقط على توفير الخدمات الضرورية للمصريين وإنما تتسع لتشمل أيضا توفير الحقوق الاساسية لهم، إبتداء من حق المساواة أمام القانون وفى الحقوق والواجبات، وحتى حقه فى التعبير عن رأيه وفكره بشكل سلمى وحقه فى الحفاظ على أمنه وكرامته من قبل مؤسسات الدولة المختلفة.. وهذا هو جوهر كتابى الجديد (المصريون وحلم الحياة الكريمة) الذى أعكف على إعداده الآن .