ما حكم الصلاة والسلام على والدي النبي الكريمين؟ دار الإفتاء تجيب
ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه “في بعض الكتب صيغة (اللهم صل على سيدنا محمد وعلى والديه وعلى آله وصحبه وسلم) فهل تجوز؟ وهل تجوز الصلاة على والدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم استقلالًا؟ وهل يجوز السلام عليهما؟ ويكون بالاسم أم بالوصف؟ وما الرد على من يزعم أنه حرام لعدم وروده! وأنهما ماتا على الجاهلية! ويحرِّم الدعاء لهما! وما واجبنا تجاههما؟
وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي: الأمر الإلهي بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتضمن الاعتناءَ بإظهار شرفه، والإشادةَ باصطفاء أصله وطهارة نسله، وإحسان الصلاة عليه، وكمالُ الإحسانِ: الجمعُ بينه وبين الآل: من يؤول إليهم ويؤولون إليه.
الصلاة والسلام على والدي النبي الكريمين
والحق الذي يجب اعتقادُه ولا يجوز غيرُه: أن والدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم مؤمنان، وهما خلاصة أهل الاصطفاء والإيمان؛ لأن الله اختارهما لنور النبوة؛ فهما خير مستقَرٍّ ومستودَعٍ، وهما من الآل لغة وشرعًا فتشملهما الصلاة عليه، بل هما أَوْلَى دخولًا؛ لأنهما أقربُ أصوله إليه، فهما أصل النبي والآل، ونبع النور ومستودَعُ الكمال.
والصلاة عليهما تبعًا: مستحبة شرعًا؛ لأن فيها امتثالًا للأمر بإحسانها؛ تمدحًا بشرف الأصل النبوي، وإشادةً بعظمة الاختيار الإلهي لأبويه، ولأنهما من الآل؛ ففي التصريح بذكرهما تفصيل بعد إجمال، وتعديد لجهات الكمال، ولاتفاق العلماء على جواز الصلاة على المؤمنين تبعًا، وهما خلاصة أهل الإيمان، ولقطع الألسنة الطاعنة في جنابهما، كما في استحباب التصريح بالصحابة تبعًا مع عدم وروده؛ قياسًا على الآل ودفعًا للطعن، فالتصريحُ بالوالدين أولى؛ لأنه أظهر للشرف وأبلغ لمقصود الصلاة، ولأنهما من الآل حقيقة، والدفاع عنهما مقدَّمٌ لعظيم مكانهما، والصيغة المذكورة استحبها علماء المدينة المنورة من غير نكيرٍ.
والصلاة عليهما استقلالًا: مستحبة كذلك؛ لأن مآلها للشرف النبوي؛ فالإفراد فيها لفظي لا معنوي؛ إذ الصلاةُ عليهما إشادةٌ باصطفاءِ أصولِه وطهارةِ منبتِه؛ لأن شرفَهما شرفٌ نبوي.
الصلاة والسلام على والدي النبي
والسلام عليهما جائز كذلك؛ تبعًا واستقلالًا؛ لهذا المعنى، ولأن الله سلَّم في كتابه على عباده الذين اصطفاهم، وهما مِن المصطفَيْنَ الأخيار، وسلَّم على آل ياسين، وهم آل البيت.
ويتأكد القول باستحباب الصلاة والسلام عليهما: في موطن إثبات إيمانهما والرد على منتقصهما؛ إظهارًا لشرف الأصل النبوي وحذرًا من السقوط في مهلكة ابتذاله، وتقريرًا لاصطفاء آباء المصطفى وأنهم من آله، وإقرارًا لعينه صلى الله عليه وآله وسلم، ويستوي ذكرُهما بالاسم أو بالوصف، وإن كان الوصف مقدَّمًا؛ تشرفًا بذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وحق والدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم على كل مؤمن أعظم من حق والديه عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أولى بكل مؤمن من نفسه، فوالداه كذلك، والسيدة آمنة عليها السلام أعظم النساء تحققًا بأمومة المؤمنين وزيادة؛ لاختصاصها بأمومة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويجب على كل مكلف الذبُّ عن جنابهما، والردُّ على الطاعنين في إيمانهما، المستهينين بأصْلَيْه الشريفين عليهما السلام.