رئيس التحرير
عصام كامل

هل ينعطف الطريق بالقضاة؟

تحيط بالقضاة في العالم أجمع، وفي مصر خاصةً هالةً من الهيبة والوقار، شاء من شاء، وأبى من أبى، ولكن تلك الهالة وليدة سلوك قويم وعقل رشيد وفكر سديد، وأسبغ القضاة على أنفسهم بأن كان سلوكهم أرقى مما فرضه عليهم الدستور وطالبهم به القانون، فصاروا محل تقدير وثقة المجتمع بأسره.

ولكن الأمر لا يخلو من بعض العثرات التي سرعان ما تزول معها تلك الهالة، وهناك من بين القضاة من يكره القيود ويتطلع لدورٍ آخر في المجتمع، فإما أن ينسحب بهدوء، أو تناله يد القضاء بالإبعاد، وهنا تثور المشكلة، فهل كل خروج من عباءة القضاء هو خروج من محراب العدالة كله، أم يمكن لمن فقد مقعده في القضاء الجالس أن يجد موضعًا لقدمه بين رجال القضاء الواقف.

 



أنشأ المشرع للمحامين جدولًا عامًا تقيد فيه أسماؤهم وبياناتهم، وألحق به عدة جداول، وهي جدول المحامين أمام المحاكم الابتدائية وجدول المحامين المقبولين أمام محاكم الاستئناف وجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض وجدول المحامين غير المشتغلين، ونظم شروط القيد في تلك الجداول، فاشترط فيمن يقيد بالجدول العام، أن يكون متمتعًا بالجنسية المصرية والأهلية المدنية الكاملة، وحائزًا على شهادة الحقوق من إحدى كليات الحقوق في الجامعات المصرية.

جنحة ماسة بالشرف

 

وألا يكون قد سبق إدانته بحكم نهائي في جناية أو في جنحة ماسة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن قد رد إليه اعتباره، وأن يكون محمود السيرة حسن السمعة، وألا تكون قد صدرت ضده أحكام تأديبية أو انتهت علاقته بوظيفته أو مهنته أو انقطعت صلته بها لأسباب ماسة بصلاحيته للوظيفة التي كان يشغلها.

 

وأجاز المشرع قيد المحامي بجدول الاستئناف مباشرة دون أن يسبق قيده بجدول المحاكم الابتدائية شريطة أن يكون قد اشتغل لمدة سبع سنوات بأعمال نظيرة لأعمال المحاماة، ومنها الوظائف الفنية في الجهات والهيئات القضائية وتدريس القانون في الجامعات المصرية.

 

واشترط للقيد بجدول المحامين أمام محكمة النقض أن يكون طالب القيد إما من المحامين المقبولين أمام محاكم الاستئناف ممن مضى على اشتغالهم بالمحاماة أمام هذه المحاكم عشر سنوات ولهم أبحاث أو مذكرات أو فتاوى قانونية مبتكرة، أو من الشاغلين لوظيفة أستاذ في القانون بالجامعات المصرية، أو من القضاة السابقين بالمحاكم وما يعادلها من وظائف الهيئات القضائية.

 

العمل بالمحاماة

 

والمستشار (م ن ح د) حاصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة عام 1976، وتم تعيينه بوظيفة معاون نيابة عامة حتى عُين بوظيفة نائب رئيس محكمة النقض، وترأس إحدى دوائرها الجنائية، وعلى إثر اشتراكه مع غيره من قضاة مصر في إصدار بيان بتاريخ 24 /7/ 2013 وبناء على عدة بلاغات تم إحالته إلى مجلس التأديب بموجب الدعويين رقمي 3، 4 لسنة 2015، حيث قضى بإحالته إلى المعاش، وعلى إثر إحالته للمعاش تقدم بطلب إلى نقابة المحامين لقيده بجدول المحامين حتى يتمكن من ممارسة مهنة المحاماة، فاتخذت منه النقابة موقفًا سلبيًا ولم ترد عليه.

 

وكان المشرع قد حدد شروط القيد بالجدول العام بنقابة المحامين، ومن بين هذه الشروط، بأن يكون طالب القيد محمود السيرة، حسن السمعة وأهلًا للاحترام الواجب للمهنة، وألا تكون قد صدرت ضده أحكام تأديبية أو انتهت علاقته بوظيفته أو مهنته أو انقطعت صلته بها لأسباب ماسة بصلاحيته للوظيفة التي كان يشغلها.

والثابت أن سبب عدم صلاحية المستشار (م ن ح د) وإحالته للمعاش يرجع لاشتراكه في أمور ذات شأن سياسي وانخراطه في العمل السياسي، وهو محظور على القضاة، حيث انتهت علاقة المدعى بوظيفته القضائية لأسباب ماسة بصلاحيته للإستمرار فيها، إلا أن ذلك كان بسبب اشتراكه في أمور ذات شأن سياسي وهو أمر محظور على القضاة، وكان العمل بالسياسة أمرا غير محظور على المحامين، ومن ثم فإن سبب إحالة المدعي للصلاحية وإحالته للمعاش، لا يحول دون العمل بمهنة المحاماة.
 


توافر شروط القيد

 

وكان المستشار (م ن ح د) عمل بأعمال نظيرة لأعمال المحاماة لمدة (39) عامًا من خلال عمله بوظيفته الفنية بالقضاء خلال الفترة من 5/ 7/ 1977 حتى تاريخ إحالته للمعاش في 9/ 5/ 2016، وخلت الأوراق مما يفيد بسبق إدانته بحكم نهائي في جناية ماسة بالشرف أو الأمانة أو بعقوبة جناية أو إنه غير محمود السيرة وحسن السمعة، كما خلت أيضًا مما يفيد بإدراجه ضمن المنتمين لأحد الكيانات الإرهابية، ومن ثم فقد توافر بشأنه شروط القيد بالجدول العام بنقابة المحامين

 

ومما لا مراء فيه أن إحقاق الحق لصاحب القضاء الجالس ليؤدي دوره بين سدنة العدالة في القضاء الواقف سطرته يدُ أمينة في أحد محاريب العدالة وهي المحكمة الادارية العليا، لتُبين فصل الخطاب بين من لفظه القضاء لجرمٍ اقترفه، وبين من أبعده القضاء لأنه لم يعد له مُتسع في البيت، وقد تتسع له بُيوت أخرى.. وللحديث بقية 

الجريدة الرسمية