التعليم وأزمة الاستظراف الجمعي
بدأ العام الدراسي الجديد وليته ما بدأ بالطريقة المشار إليها، ويبدو أن الجميع قد تعامل مع بدء الدراسة كما لو أن الأمر حدث فجأة دون سابق موعد.. ففجأة بدأ العام الدراسي وفجأة اكتشفنا أن عدد المدارس لا يكفي ويوجد نقص فى عدد المقاعد في بعض الفصول.. وفجأة اكتشفت وزارة التعليم أن هناك تزاحما على بوابات المدارس وتدافعا من أولياء الأمور بأول أيام الدراسة.
ويؤلمني كثيرا تلك الاتهامات الجزافية التي شنها مسؤولون ضد أولياء الأمور في مسألة التدافع على أبواب المدارس، لأن تلك الاتهامات عشوائية مردود عليها بأنه «لو أن ولي الأمر يثق في حسن معاملة المدرسة لإبنه لما تدافع بالطريقة التي حدثت، ولو أن إدارات المدارس مدعومة إداريا وفنيا وماليا بما يمكنها من مباشرة دورها على النحو المطلوب ما تعرضنا لما حدث، ويؤسفني ركوب عدد ممن إطمأنت قلوبهم على أبنائهم في مدارس التعليم الخاص والأجنبي، موجة الإتهامات ضد أولياء الأمور، والحقيقة أن القائمين على تلك الاتهامات معذورون لأنهم لم يعيشوا واقع الإهمال بالمدارس الحكومية، ويذكروننا بملكة رأت الناس يتزاحمون للحصول على «رغيف الخبز»، فتعجبت وقالت: «كان الأولى بهم أن يتناولوا الجاتوه».
التعليم والاستثمار في المستقبل
إن الأم التي تخرج من بيتها لإيصال أبنائها لمدرسة حكومية وتنتظر على أبوابها دخوله وخروجه بتلك الطريقة أولى بنا أن نكرمها على دورها وتفرغها لأبنائها، وبعضهن يظل طيلة ساعات الدراسة في انتظار خروج الأبناء ويجدر بنا البحث عن طريقة لشغل أوقاتهن بدلا من الإنتظار، أو على الأقل وقف الهجوم عليهن بتلك الطريقة، نريد أن نخرج مرة واحدة من «حالة الاستظراف الجمعي» في تناول قضية التعليم، إن بناء مدرسة لا يقل أهمية عن بناء مسجد أو كنيسة، كما أن تعيين المعلم الكفء لا يقل أهمية عن تعيين إمام المسجد أو الواعظ.
يؤسفني كثيرا حدوث تلك الأخطاء التي وصلت إلى وفاة طالب في شجار على أولوية الجلوس في المقعد، ويؤسفني قرار إدارات إحدى المدارس الابتدائية بإخراج التلميذات وتركهن بالشارع أول أيام الدراسة قبل موعد الانصراف الرسمي بساعتين، وكان رد إدارة المدرسة بأن ذلك القرار يسري أول أسبوع للدراسة فقط.
ولو أن مسألة بناء المدارس أزمة كبيرة على عاتق الحكومة إلى هذا الحد، يمكنها أن تشرك المجتمع المدني وتشجيع دخول الرأسمالية الوطنية على الخط، فينبغي أن نعلم أن التعليم استثمار في المستقبل لو صدقت النية حقا في البناء والتنمية الحقيقية، ولنا في تجارب الناجحين نماذج واضحة.