نصر أكتوبر في ميزان الرجال
التقيت خلال عمري الصحفي القصير في بلاط صاحبة الجلالة 10 أبطال من حرب أكتوبر أجريت حوارات صحفية مع 5 منهم عن أسرار النصر والمجد، ولم تكن حواراتي مدفوعة فقط بأسباب مهنية بقدر ما كانت نابعة من شغف شخصي لي حيال تلك المعركة التي تربينا على نصرها ودروسها وإن كنا من الجيل التالي لجيلها.
دأب أبي منذ صغرنا على جمعنا سنويا في كل إجازة رسمية بمناسبة ذكرى النصر، وكان يروي لنا المزيد عن تلك المعركة بأسلوب مبسط جذبنا إلى أسرارها في سن مبكرة، وظللنا نحمل نظرة خاصة لأبطال أكتوبر، فشب كل منا على عقيدة وطنية قوامها الانتماء والحب والإخلاص، أتذكر طفولتنا وما كنا نردده عن الحرب، بينما أرى اليوم شبابا تكاد تكون معلوماتهم عن أكتوبر «صفر»، فلا هم يعلمون موعد الحرب وملابساتها ولا حتى نتائجها.
إن ذكرى أكتوبر تعيدنا إلى ضرورة صياغة الوعي الجمعي والحس الوطني لدى أطفالنا وشبابنا، كنقطة مضيئة من تاريخ مصر الحديث، ولا يجب أن نكتفي فقط بيوم إجازة رسمية بمناسبة الذكرى الغالية. إن التعامل مع معطيات الحاضر ومواجهة المستقبل تتطلب تأسيسا قويا من الماضي والتاريخ، وأظن مؤسساتنا قادرة على إحياء التوعية بأكتوبر، بعد وأد الذكريات الوطنية تحت ركام التفاهات وما يسمى بأغاني المهرجانات وشطحات السوشيال ميديا.
لقد خرجت بدروس من حواراتي الصحفية مع أبطال أكتوبر بما يمكن صياغته في كتاب، بل إنني تعلمت منهم على المستوى الشخصي كيف يكون الصبر والوفاء والتضحية والإيمان والعقيدة في مواجهة الظلم.
واترحم بهذه المناسبة العطرة على روح الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر ومحمد أنور السادات، وعلى جميع شهداء وأبطال أكتوبر ومنهم العقيد حلمي حسين والجندي البطل جمال مصطفى علي.. والله من وراء القصد.