استرداد البعض وتجريد الآخر من الجنسية.. هكذا تتخلص أوروبا من داعش
منذ سقوط خلافة تنظيم داعش الإرهابي رسميًّا في مارس 2019، والمجتمع الدولي يواجه حالة من الصداع المزمن، بسبب الضغط المستمر من البلدان المختلفة، والجمعيات الحقوقية لإعادة الجهاديين الأجانب وعائلاتهم إلى بلدانهم الأم، وخاصة الذين تم أسرهم أو قتلهم في سوريا والعراق.
حاولت البلدان الغربية التنصل من المسؤولية عنهم بالتجاهل أولا، ثم بالدخول في صفقات عدة من البلدان القريبة من الأزمة، لإقامة معسكرات تستضيف هؤلاء بأي صفة، لاجئين، أو مساجين، معتقلين، أو تحت التأهيل، المهم ألا تعود هذه السموم إلى دول الاتحاد الأوروبي، التي تواجه ضغوط متزايدة للوفاء بالتزاماتها الأخلاقية، وإعادة المتطرفين من أبنائها إلى بلدانهم الأم، وتقويمهم أو محاسبتهم بمعرفتها، لكن لم تفلح كل هذه الضغوط.
تحرك متأخر
بعض البلدان لجأت إلى العناد وتجريد مواطنيها الذين انضموا لصفوف الإرهاب من جنسيتها ووضعهم تحت تصرف الحكومات التي ذهبوا إليها عن طيب خاطر، وبعض البلدان فضلت أن تتحرك لإنقاذ سمعتها الحقوقية بسبب الضغط الدولي لإعادة رعاياتها والتصرف معهم بمسؤولية.
استردت بعض الدول الكبرى رعاياهم، من الذين طالهم التطرف والإرهاب، آخرهم ألمانيا والدنمارك، اللذين استردا الأسبوع الماضي في عملية كبرى نفذت بدعم لوجيستي من الجيش الأمريكي 11 امرأة تتراوح أعمارهن بين 30 و38 عامًا، ومعهن 37 طفلا، انضموا إلى تنظيم الدولة الإسلامية.
وفور عودتهن أعلن مكتب المدعي الاتحادي الألماني المختص بقضايا الإرهاب اعتقال ثلاثة من هؤلاء الألمان عند نزولهن من الطائرة في فرانكفورت بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية في الخارج، وضعت السلطات الألمانية الأطفال تحت الحماية، باعتبارهم وصى عليهم وكذلك إخوتهم وأخواتهم، في الوقت الذي أعلنت الدنمارك أيضا عن اعتقال ثلاث نساء لدى وصولهن إلى الدنمارك بتهمة الترويج لأنشطة إرهابية والدخول إلى منطقة نزاع والإقامة فيها.
كانت النساء وصلت إلى سوريا في ديسمبر 2014 ونشطن فور وصولهن في تجنيد فتيات، بعضهم تبلغ من العمر 16 عامًا، والإشراف على تهريبهن إلى سوريا بتحريض من داعش.
المثير أن تقارير النيابة العامة الألمانية، كشفت عن الكثير من أسرار التنظيم، حيث أكدت التحقيقات، أن بعضهن تزوج 6 من أعضاء داعش على الأقل، وبعض هولاء النساء عرّضن أطفالهم لمقاطع فيديو لعمليات إعدام للتنظيم الإجرامي، لتحفيزهم على الإلتحاق بصفوف داعش في مرحلة مبكرة من العمر.
عجز المحكمة الأوروبية
وتحاول المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، لعب دور متوازن بين الوفاء بحقوق الإنسان، وتلبية التزامات الأمن القومي لأوروبا، وتقف خلف الاهتمام بالاطفال والضغط على الحكومات لإعادتهم مرة آخرى، ووضعهم تحت رعاية منظمات إنقاذ الطفولة غير الحكومية.
لكن ما تعجز المحكمة الأوروبية عن الوفاء به، أن الكثير من الأطفال الأجانب، يعانون من مشكلة كبرى تعرقل عودتهم، بعد أن أقدمت بعض البلدان الأوروبية إلى تجريد أمهاتهم من الجنسية، هربا من الضغوط الدولية لإعادتهم.
وحتى الآن ترفض بعض الحكومات الغربية إعادة الجهاديين مرة آخرى، حتى لا تؤسس لفوضى كبرى في البلاد، ولا سيما أن هؤلاء لم يقدموا بأنفسهم على التوبة وإعلان مراجعة فكرية وقانونية دون إجبار، وبالتالي حال استردادهم، لن يعود أحد منهم عن أفكاره، مهما تعرض لجلسات نفسية وفكرية وتثقيفية.
وترى أنه بمجرد خروجه من السجن سيصبح قنبلة موقوتة كما حدث في بعض البلدان، ويسعى مباشرة للانتقام ممن أعادوه من جنة الجهاد الموعودة التي هرب طوعا إليها.