الكبار يتقاتلون على السلطة.. شبح الانقلاب على المرشد يهدد بفناء الإخوان
تعيش جماعة الإخوان الإرهابية أصعب أيامها.. انشقاقات متتالية.. صراعات بين الكبار والشباب، بل وبين الجيل الواحد، والآن وصلت إلى أعلى مستوى تنظيمي مكتب الإرشاد، وتشكلت جبهتين كل واحدة تتنافس على السلطة والمغانم والولاية، إبراهيم منير ومحمود حسين قطبي التنظيم في العالم الآن.
ولم يرض حسين ومنير من قبل اللجوء إلى الانتخابات كحل للأزمة التي ضربت الإخوان بعد عزلها عن الحكم في مصر، والمصاعب التي ترتبت على عنادها ورفضها كل سبل التوافق ولجوئها للعنف، وبعد سنوات من التحالف الصارم فرقت بينهما المصالح وأصبح كل منهما يستل سيفه للآخر، لدرجة أن محمود حسين يفكر في الإطاحة بنائب المرشد وتدبير انقلاب عليه بواسطة التنظيم الدولي .
خلل تنظيمي وفكري
وقال عمرو فاروق الكاتب والباحث، إن الوصف الأدق للمرحلة التي تحياها جماعة الإخوان وقواعدها أقرب إلى ما يُعرف بـالتيه الفكري والتنظيمي.
أزمة الإخوان
وأضاف: جماعة الإخوان تعيش أسوأ مراحلها التاريخية منذ تأسيسها على يد حسن البنا عام 1928، ومعظم الأزمات التي لحقت بها تدور في فلك الصدام والصراع مع النظم السياسية، في إطار مظلومية استثمرتها في الحصول على مكاسب شعبية وسياسية واجتماعية.
وكشفت وسائل إعلام إخوانية أن نائب المرشد العام والقائم بأعماله، إبراهيم منير، قرّر رسميا إيقاف 6 من قيادات الجماعة وإحالتهم للتحقيق، وذلك استنادا لمخالفاتهم للائحة الجماعة الداخلية.
وتضم لائحة القيادات الموقوفين، الأمين العام السابق للجماعة وعضو مكتب الإرشاد محمود حسين، ومسؤول رابطة الإخوان المصريين بالخارج محمد عبد الوهاب، وعضو مجلس الشورى العام ومسؤول مكتب تركيا السابق همام علي يوسف، وعضو مجلس الشورى العام مدحت الحداد، وعضو مجلس الشورى العام ممدوح مبروك، وعضو مجلس الشورى العام رجب البنا.
تمرد تنظيمي
وتابع فاروق: الإخوان الآن في موضع مختلف تمامًا، بعدما ضربت الخلافات صفوفها الداخلية وأضحى التمرد التنظيمي بين قواعدها ثيمة أساسية، ناهيك بالارتباك الفكري، وسقوط عباءة القداسة عن القادة الفعليين.
وأكد أنه عقب سقوط الجماعة في 30 يونيو 2013، اتّجهت الى ما يسمى بـ"فقه الاستضعاف"؛ وهي مرحلة يتحوّل فيها التنظيم من "الخلايا الهيكلية"، إلى "الخلايا العنقودية"، سعيًا في تفكيك الجبهة الداخلية للدولة المصرية، وزعزعة استقرارها، عبر ثلاثة مسار "الجهاد المسلح"، و"الجهاد السياسي"، و"الجهاد الإعلامي".
وأضاف فاروق: في ظل الارتباك الفكري والتخبط التنظيمي، انتقلت الجماعة فعليًا إلى حالة "التيه"، المصاحب للانهيار التام، ما دفعها للتقوقع أو للتعايش مع ظاهرة "الكمون التنظيمي"، معتمدة على استراتيجية "دار الأرقم"، أو ما يُطلق عليه "التربية والدعوة السرية"، في محاولة لصناعة تكوينات فكرية جديدة، تعيد من خلالها صياغة الإشكاليات والعثرات التي لحقت بها على المستوى السياسي والاجتماعي والتنظيمي.
واستكمل فاروق: تدرك جماعة الإخوان وقواعدها أنها لم تعد أحد مكوّنات الحالة السياسية المصرية، وأنها لن تصبح رقمًا في معادلة الحكم لمرحلة زمنية طويلة، بناءً على ترتيبات المشهد السياسي الجديد، وفي ظل "الجمهورية الجديدة" التي تضع ضمن توجهاتها القضاء التام على أي مرتكزات إخوانية في مفاصل الدولة المصرية عبر تشريعات قانونية ودستورية.
هيمنة منير
وتابع: تيقّن القائم بأعمال مرشد الإخوان، إبراهيم منير (تلميذ سيد قطب)، أنه واقعيًا المهيمن الأقوى على سلطة الجماعة ومفاصلها، والأحق بتمرير رؤيته وسياساته، مهمشًا منافسيه من خلال إصدار قرارات فاعلة تحكم سطوته على مراكز القيادة والقطاعات التنفيذية، وتهدف لصناعة حالة تتسق مع الديكتاتورية التنظيمية التي يمثلها "المرشد الأكبر".
وقال فاروق: قرارات منير تسببت في استمرار حالة الغليان الداخلي بين الأطراف المتنازعة على سلطة التنظيم منذ القبض على محمود عزت، بخاصة مجموعة "مكتب تركيا"، لا سيما إلغاءه الفاعلية الرمزية لمكتب الإرشاد في القاهرة، واستبداله بـ"الهيئة العليا"، وإلغاء الأمانة العامة، وإعادة تشكيل مركز القيادة التنظيمية من القاهرة إلى لندن، التي أصبحت "العاصمة الأولى"، بعد تراجع الجماعة وتفككها في المنطقة العربية عامةً.
وتابع: إلى جانب قيامه أخيرًا بحل مكتب الإخوان في تركيا، وحل مجلس الشورى العام، وتأجيل انتخاباته 6 أشهر كاملة، واضعًا شروطًا ترتكز على عدم اختيار أو ترشح العناصر السابقة، وألا يزيد عمر المرشحين الجدد عن 45 عامًا، في إطار ضربة استباقية للقضاء على خصومه الذين أعاقوا تنفيذ سياساته على مدار الأشهر الماضية، واستبدالهم بعناصر قادمة من الصفوف الخلفية تدين له بالولاء المطلق، ما يمنحه الانفراد بصناعة القرار الداخلي، والتحكم في مختلف الملفات المالية والسياسية والفكرية والتنظيمية.
واختتم حديثه قائلا: سيواجه إبراهيم منير إشكالية كبرى تتمثل في تعالي الأصوات المنادية بتدويل منصب المرشد، والتمرد على العرف المتبع بقصر المنصب على "إخوان مصر"، بعد انهيار التنظيم داخل القاهرة ما يزيد من أزمة الجماعة.